"فورين أفيرز": الدبلوماسية الأميركية المكوكية يجب أن تكون مدعومة بضغوط حقيقية

الخميس 3 أكتوبر 2024 - 10:54 بتوقيت غرينتش
"فورين أفيرز": الدبلوماسية الأميركية المكوكية يجب أن تكون مدعومة بضغوط حقيقية

إنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى استراتيجية جديدة لتجنّب أكبر كارثة في غرب آسيا.

الكوثر_الصحافة

مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب أندرو ميلر، يتحدث فيه عن "الدبلوماسية المكوكية" التي تقوم بها إدارة بايدن، بهدف التوصّل إلى وقف إطلاق النار في غزّة، وتقول إنّها يجب أن تكون مصحوبة بضغوط حقيقية على "إسرائيل"، وإنّ المنطقة برمّتها تعتمد على ذلك.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:

بعد مرور ما يقرب من عام على هجمات 7 أكتوبر، أدّى التصعيد المستمر من جانب الحكومة الإسرائيلية لصراعها مع حزب الله في لبنان إلى وضع الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية، حرب قد تجتذب الولايات المتحدة بسهولة بالغة.

ورغم اعتقاد القادة الإسرائيليين بأنّ تكثيف العمل العسكري من شأنه أن يدفع الجماعة المسلّحة إلى التراجع، فإنّ هذا النوع من استراتيجية "التصعيد من أجل التهدئة" نادراً ما يحقّق النتائج المرجوة. فقد ربط حزب الله باستمرار وقف هجماته على "إسرائيل" بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولا يزال من غير المرجّح أن يتغيّر هذا في أعقاب اغتيال زعيم حزب الله  السيد حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية يوم الجمعة.

وحتى لو أُعلن وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً بين "إسرائيل" وحزب الله، كما دعا الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإنّ هذا لن يغيّر الواقع الأساسي، إذ إنّ أفضل طريقة لمنع اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً هي وقف إطلاق النار في غزة. ولكن من المؤسف أنّ المفاوضات بشأن الحرب على غزّة تبدو في طريق مسدود. وبعد أسابيع من إظهار التفاؤل، ورد أنّ مسؤولي إدارة بايدن يعترفون الآن بأن "لا اتفاق وشيكاً". وتغلق نافذة التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر، وعند هذه النقطة سوف يقلل وضع بايدن كبطّة عرجاء من نفوذه الدولي.

وفي الوقت نفسه، تستمر تكاليف الحرب في غزة في الارتفاع يومياً. واحتمالات تأمين العودة الآمنة للأسرى الإسرائيليين المتبقّين تتناقص بمرور الوقت. وتستمر الظروف الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في التدهور يوماً بعد يوم وسط الصراع النشط، ويقتل أو يصاب المزيد منهم في العمليات العسكرية الإسرائيلية. كما يتزايد الضرر الذي يلحق بسمعة الولايات المتحدة، وكذلك "إسرائيل"، بشكل مطرد، مع عواقب سلبية على الأولويات العالمية الأخرى المشتركة بين البلدين.

وبما أنّ الوقت يشكّل أهمية بالغة، فلا بدّ أن تعيد واشنطن النظر في نهجها الدبلوماسي. وهي في احتياج إلى القيام بدبلوماسية مكوكية أكثر استباقية تهدف إلى إنهاء الحرب في الأسابيع القليلة المقبلة. فقد فشلت الدبلوماسية المضنية والصبر التي تنتهجها الإدارة الأميركية ووسطاؤها، قطر ومصر، في دفع الحرب إلى خط النهاية، لكن إذا كانت مصحوبة بمصادر أخرى للضغط، فقد يثبت أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة.

ويتعيّن على بايدن أن يرسل على الفور وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة للقيام برحلات مكوكية بين "إسرائيل" ومصر وقطر لأكبر عدد ممكن من الأيام اللازمة لسد جميع الفجوات المتبقية في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وسوف يتطلب هذا الهدف أيضاً أن تكثّف واشنطن ضغوطها السياسية والدبلوماسية والعسكرية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

لقد كانت الدبلوماسية المكوكية أكثر فعّالية عندما كانت مصحوبة بعواقب واضحة لعدم الامتثال. حيث يستخدم الوسيط التهديد بإلقاء اللوم علناً على الطرف أو الأطراف المتمردة عن فشل المحادثات. وهذا ما أشار إليه جيمس بيكر، وهو ممارس ناجح للدبلوماسية المكوكية كوزير للخارجية في إدارة جورج دبليو بوش الأب، بـ "ترك القط الميت" على عتبة الجانب المخطئ. ويعني ذلك أنّه عندما يتم تهديد الأطراف المعنية بالعقوبات، أو بحجب شحنات الأسلحة، يقوم الطرف المعني بتغيير حساباته.

الدبلوماسية المكوكية ليست أسلوباً ناجحاً دائماً، فقد انخرطت كل من إدارة الرئيس رونالد ريغان والرئيس بيل كلينتون في نوع من الدبلوماسية المكوكية، ولكن النتائج كانت متفاوتة بشكل واضح، وكانت تتحمّل الولايات المتحدة تكلفة أكبر على سمعتها عندما تفشل الدبلوماسية المكوكية.

إنّ الدبلوماسية المكوكية تمثّل أفضل فرصة للولايات المتحدة وشركائها الإقليميين لإنهاء الحرب في غزة في الأمد القريب، وبالتالي توفير مسار لخفض التصعيد الإقليمي. والواقع أنّ نقاط الخلاف في المحادثات الحالية، هي عدد السجناء الفلسطينيين الذين يتعيّن إطلاق سراحهم والسيطرة على الحدود بين غزة ومصر، وهذان الأمران ليسا مستعصيين على الحل. وبشأن ما يسمى بممر فيلادلفيا على طول الحدود بين غزة ومصر، ورد أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تحدّى ادّعاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنّ قوات الدفاع الإسرائيلية لا تستطيع الانسحاب من دون تعريض أمن "إسرائيل" للخطر.

دبلوماسية المكّوك ليست للضعفاء. سيتعيّن على بلينكن إقناع نتنياهو بأنّ لديه ما يخسره برفض الولايات المتحدة. في هذا السياق، يمكن لإدارة بايدن أن تهدّد علناً بوصف نتنياهو بأنّه خطر على الشراكة الأميركية الإسرائيلية أو، في خطاب رئيسي، تعبّر بوضوح عن فقدان الثقة في تعامله مع الحرب.

وهناك خيار آخر يتمثّل في استخدام الأمر التنفيذي رقم "14115"، الذي أصدره بايدن في شباط/فبراير، لمعاقبة الوزراء المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين يعملان على تأجيج عدم الاستقرار في الضفة الغربية. ومن المرجح أن تزيد العقوبات الأميركية من جاذبية الوزراء لدى أقصى اليمين، ولكن وصمة العار المترتبة على تصنيفهم من قبل أقرب حليف لـ "إسرائيل" قد تولّد المزيد من الضغوط على الحكومة.

لقد علّقت الإدارة سابقاً تسليم قنابل تزن 2000 رطل إلى "إسرائيل" احتجاجاً على العمليات العسكرية في مدينة رفح في غزة. وإذا لزم الأمر للتوصّل إلى اتفاق، فيتعيّن على بايدن وبلينكن التهديد بحجب أنظمة الأسلحة الإضافية التي تورطت في سقوط ضحايا مدنيين في غزة واعتبرت غير ضرورية لأمن "إسرائيل"، مثل قذائف الفسفور الأبيض.

يجب التأكيد أنّ الولايات المتحدة لن تدعم إلى أجل غير مسمّى حرباً تتسبّب في سقوط العديد من الضحايا المدنيين وتؤدي إلى انخفاض العائدات الأمنية في أفضل الأحوال. ومثل هذه التهديدات ليست غير مسبوقة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية؛ ففي الماضي، كانت تُستخدم بانتظام. فقد هدّد كل ّرئيس أميركي منذ ليندون جونسون، باستثناء كلينتون ودونالد ترامب، أي تسع من الإدارات الإحدى عشرة الأخيرة، بحجب أنظمة الأسلحة أو غيرها من المساعدات، أو حجبها بالفعل، من أجل التأثير على السياسة الإسرائيلية.

وكل هذا يشكّل عبئاً ثقيلاً، وقد تفشل الولايات المتحدة حتى لو تمّ تنفيذ هذا النهج على أكمل وجه. ولكن نظراً للمخاطر، فلا بدّ وأن تستخدم الإدارة كل أداة تحت تصرّفها، ذلك أنّ المنطقة تعتمد على ذلك حرفياً.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي قناة الكوثر وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة حصراً

تصنيف :