الكوثر - اسلاميات
الامام علي بن أبي طالب، هو الشخصية العظيمة التي جسدت الإسلام، وتمثل الإسلام فيها، وقد كانت انطلاقة هذه الشخصية منذ البداية، حيث الولادة في الكعبة المشرفة، هذا البيت العتيق، الذي يعتبر مأوى الناس، ومهوى الأفئدة، فكانت انطلاقة هذه الشخصية العظيمة من ذلك المكان المعمور، والبيت المقدس.
لقد شاء الباري جل وعلا، أن يكرم هذه الشخصية منذ البداية، فكانت ولادته في الكعبة الشريفة، ولم يقف التكريم عند هذا الحد، فالولادة في الكعبة وإن كانت من فضائلة إلا أنها لم تزده شرفاً، لأن علياً لا نقص فيه، فهو الشخصية المتكاملة التي لا تحتاج لما يكملها، فشخصيته هي شخصية رسول الله (ص) فلا تحتاج إلى عامل خارجي يكملها، لكن الباري جل وعلا، محيطٌ بتاريخ البشرية، منذ زمن آدم إلى أن تقوم الساعة، لذا قرن حياة علي بن أبي طالب بهذه الأحداث والمناسبات، فقد ولد في الكعبة، وزوج في السماء، كما ورد في الزيارة الشريفة، واستشهد في بيت من بيوت الله جل وعلا. ولم يقف عند هذه المراحل الثلاث فحسب، وهي الولادة في الكعبة، والتزويج في السماء، والاستشهاد في بيت الله جل وعلا، إنما عاش حياةً مليئة كلها بالعطاء.
لقد عاش ثلاثاً وستين سنة فقط، لكن حجمها كان أكبر من ذلك بكثير، فكانت السماء تصحبه في كل تحركاته، لاحظ النداءات التي نزلت من السماء: "لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي" وهو النداء الأول من جبرائيل، أما النداء الثاني الذي نزل من السماء فكان عند استشهاده (عليه السلام): "تهدمت والله أركان الهدى" وهو نداء من السماء لينبئ عن جانب عظيم في هذه الشخصية.
وبعد ضربة ابن ملجم اللعين واصابة اميرالمؤمنين الإمام علي (ع) بجرح، وبعد ايام، بدأ يغمى على الإمام (عليه السلام) ساعة بعد ساعة لتزايد ولوج السم في جسمه الشريف، وقد أُغمي عليه ساعة وأفاق، فأدار عينيه في أهل بيته كلهم وقال: "أستودعكم الله جميعاً سدّدكم الله جميعاً ، حفظكم الله جميعاً، خليفتي عليكم الله وكفى بالله خليفة".
ثم قال: "وعليكم السلام يا رسل ربي"، وقال: "لِمِثْلِ هذَا فَلْيعْمَلِ الْعَامِلُونَ"، "إِنّ اللّهَ مَعَ الّذِينَ اتّقَوْا وَالّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ"، وعرق جبينه وهو يذكر الله كثيراً، وما زال يذكر الله كثيراً ويتشهد الشهادتين، ثم استقبل القبلة وأغمض عينية ومدّ رجليه ويديه وقال: "أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله"، ثم فاضت روحه الطاهرة (عليه السلام)، وكان ذلك في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان أي بعد ليلتين من إصابته بضربة اللعين ابن ملجم.
وبذلك انتهت حياة خير خلق الله كلهم بعد الرسول (ص) بعد عمر قضاه في الجهاد في سبيل الله والزهد وإقامة العدل وكان مثالاً للنبل والشجاعة والطهارة والعدل والخير ورمزاً من رموز الكمال البشري على مر التاريخ .
السلام على بطل الاسلام سيد الوصيين وقائد الغر المحجلين شهيد المحراب مولانا امير المؤمنين الإمام علي (ع)، عظم الله أجورنا وأجوركم.