وان الصحوة الاسلامية التي انطلقت بالتزامن مع عصر الاستعمار و الهجوم الغربي الشامل علي العالم الاسلامي، و اقترنت بافكار اشخاص امثال السيد جمال الدين الاسد آبادي ، كانت تقتصر على حلقات محدودة، ولهذا لم تتمكن من العمل بمثابة ظاهرة مهيمنة مطلقاً. غير أن انتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني (قدس سره)، شكّل منعطفاً في تاريخ الصحوة الاسلامية، حيث استطاعت أن تضخ دماء جديدة في جسد الحركات الاسلامية والنهضات الشعبية.
إذ أن الامام الخميني كان يتطلع الي الاهداف العالمية والدولية للثورة الاسلامية غداة انتصارها، وحاول تسخير كل الطاقات والامكانات لتجسيد الحضارة الاسلامية في مواجهة الحضارة الغربية الاستكبارية.
وفي هذه الاثناء طرح الامام تعريفاً جديداً (للحج)، وعمل علي احياء الحج الابراهيمي في اجواء خلاقة للفكر الديني، إذ حرص سماحته من خلال نداءاته و خطاباته بمناسبة الحج - التي كانت الصحوة الاسلامية تشكل السمة البارزة لها - علي تغيير الانطباع العام وتصور العالم الاسلامي حول الحج، ومن خلال تقديم تفسير سياسي و اجتماعي للحج، حاول سماحته تسخير الطاقات الفريدة الكامن في هذه الفريضة الالهية لتصب لصالح الصحوة الاسلامية.
و لعلّ من أبرز سمات رؤية الامام الخميني لموضوع الحج، شموليتها وعدم اقتصارها علي الابعاد الفقهية والمناسكية والفردية والاخلاقية.