ليس من السهل الكتابة عن شخصية الحاج قاسم أو التعريف بإنجازاته؛ فهذا يحتاج إلى الجرأة والإحاطة بخصائصها ومعالمها فظهرت في أعمالها؛ إذ قدمت خدمات للمسلمين والمستضعفين في أصعب الظروف؛ شخصية عدها الإمام الخامنئي( دام ظله الشريف) مدرسة ؛ إذْ مزجت العلم بالعمل وأظهرت في سلوكها مختلف جوانب القيم والأخلاق الإسلامية، ومثلت سماحة الإسلام وشدة بأسه في آن وكانت النموذج المتألق للتتلمذ في مدرسة الإسلام الأصيل التي بين معالمها الإمام الخميني(قدس سره) ؛ شخصية واجهت العالم المستكبر، وأفشلت خططه وأرعبت عملاءه، وساهمت في رسم بداية خريطة جديدة لمستقبل شرق آسيا. فقد بات الشهيد سليماني روح العزة في قلوب المستضعفين، فعقدت عليه آمالها عندما وفر لها عدة الدفاع عن وجودها وفتح لها أفاق الثقة بالنفس.الحاج قاسم ثوري مهاجر ، طواف الميادين وقائد محاور المجاهدين وحبيبهم، فشكل حضوره معهم جبهة مثقلة بالمعنويات أينما حل فتحت أبواب النصر؛ ولكم أدخل البسمة إلى وجوه كثيرين من مظلومي العالم.
إن عمق قوة هذه الشخصية القيادية نابع من عمق فكره وأصالته، و من قوة عقيدته وإيمانه بالغيب، ومن طاعته لقادته، وثقته بفريق عمله المنتشر في البلدان؛ ومن مظاهر ذلك وآثاره البارزة : معرفته العدو، وتخطيطه البعيد واستقطابه لعناصر القوه. والعمل على الوحدة بين جماعات المسلمین من السنة والشيعة والتأليف بين الآراء. فقد حضرت في أعماله العقيدة والسياسة والمعنوية والعقلانية ومعرفة المجتمع وحراسة القيم والرؤية العالمية وروحية طلب الشهادة، إذ برزت بقوة في شخصيته.
یجب أن يكشف النقاب عن كثير من أسرار هذه المدرسة الإسلامية الأصيلة التي خرجت أمثال هؤلاء القادة، وأن يتعرف شباب العالم الحائر إلى فكر ونهج يقدم لهم وصفة التحرر والتقدم والاستقلال والعزة.
الحاج قاسم سليماني، هو مدرسة. لقد دارت هذه الكلمة على الألسن عندما قال الإمام الخامنئي في 7 كانون الثاني 2020, في إحدى خطبتي صلاة جمعة طهران :" علينا ألا ننظر إلى شهيدنا العزيز الحاج قاسم سليماني على أنه فرد، بل علينا أن ننظر إليه كمدرسة. علينا أن تنظر إلى شهيدنا القائد العزيز على أنه مذهب، على أنه نهج وعلى أنه مدرسة للتعلم، فلننظر إليه بهذه النظرة". المدرسة الفكرية، هي بناء فكري شامل ومتجانس، وهي بما تقدمه من رؤية كونية ومن برامج، تقود البشرية نحو كمالها وغايتها. يقول العلامة مرتضى مطهري في توضيحه لمصطلح المدرسة : " المدرسة تعني الحاجة لنظرية شاملة ولمشروع فكري جامع ومتناسق ومنسجم هدفه الأساسي هو الكمال الانساني وتحقيق السعادة الجامعة ، ويجب أن يُحدد فيه الخطوط الاساسيه والمناهج ، مما ينبغي ولا ينبغي، الحسنات والسيئات ،الأهداف والوسائل ، الاحتیاجات والمشاكل والحلول ، المسؤوليات والتكاليف، وأن تكون منبع الهام التكاليف لجميع الأفراد.
الإسلام هومدرسة ؛ ومدرسة الاسلام هي نظرية انتصار الإنسانية على الحيوانية، والعلم على الجهل، والعدالة على الظلم، والمساواة على التمييز والفضيلة على الرذيلة والتقوى على الانحلال، والتوحيد على الشرك، وبرؤية كهذه، فإن الإسلام العزيز هو مدرسة شاملة ذات نظرة واقعية.
وقد اهتمت هذه المدرسة بجميع جوانب الحاجات الإنسانية، بما فيها الدنيوية والأخروية، الجسدية أو الروحية العقلية أو الفكرية، وبما فيها الأحاسيس والمشاعر، والحاجات الفردية أو الاجتماعية. مدرسة الإمام الحسين(ع) ، مدرسة الإمام الصادق(ع)، ومدرسة الإمام الخميني (قدس سره)؛ استلهمت جميعها من مدرسة الإسلام . نحن نعد مدرسة الإمام الخميني فرعًا لمدرسة الإمام الحسين (ع) ومدرسة الشهيد سليماني أيضاٌ، هي فرع لمدرسة الإمام الخميني(قدس سره).
من أجل تبيين مدرسة الشهيد الحاج قاسم سليماني، علينا بداية التعرف إلى مدرسة الإسلام. وعلينا بعد ذلك ، أن نعکف علی تبیین مدرسة الرسول (ص) وأولياء الله تعالی. ونتعرف بدقه وعمق الی مدرسه سید الشهداء(ع). عندها ستتجلی مدرسه الامام الخمیني(قدس سره) وبالتعرف إلى مدرسه الامام الخمیني فإن معالم مدرسة الشهيد سليماني تتوضح هي الأخرى.
إن توضيح كل ما ذكرناه يضيق بهذه المقدمة. فحاولنا في هذا الكتاب، بعد إشارة إجمالية لمدرسة الإسلام المحمدي الأصيل والمدرسة الإمام الحسين(ع) ، أن نبين معالم مدرسة الإمام الخميني، وبتبيين كل معلم من معالم مدرسة إمامنا العظيم، حاولنا تطبيق معالم مدرسة الشهيد سليماني على مدرسة الإمام الخميني. كما حاولنا الاستمائة بكلام الإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) من أجل تبيين معالم مدرسة الإمام الخميني، ليكون في ذلك، إضافة إلى دقة الاستدلال، تبيين لمدرسة الإمام الخامنئي، وليتضح أكثر لقرائنا الأعزاء أن تلميذ مدرسة إمامي الثورة الإسلامية أسس مدرسة امتدادًا لنهج قادة ثورته تتطابق جميع معالمها مع الإسلام المحمدي الأصيل.
ولتبيين المعالم استعنا بكلام القائد الشهيد سليماني وأضفنا حتما وجهات نظرالاخرین الی وجهة نظرالشهيد ليكون بين يدي القراء كتاب أمتع للقراءة. ان هذا الكتاب هو بداية لمجموعة من الكتب في سياق تبيين عظمة شهيد جبهة المقاومة الشامخ ومقامه الكبير.
لقراءة الكتاب اضغط على الرابط التالي