أعلنت صحيفة النهار اللبنانية يوم 2 حزيران/ يونيو الجاري نبأ عبور سفينة إسرائيلية لخط حدود بحر 29 ودخولها حقل غاز كاريش، حقل متنازع عليه بين بيروت والکیان الصهيوني. في البداية ادّعت سلطات تل أبيب من يائير لابيد، رئيس الوزراء المؤقت لمجلس الوزراء إلى بيني غانتس، أنها تواصل عملية التنقيب عن الغاز حتى استخراجه وتسليمه إلى الاتحاد الأوروبي.
لكن في الوقت نفسه وبعد أقل من أسبوعين فقط من انتهاك مياه المنطقة الاقتصادية اللبنانية، تواصلوا مع أمريكا حتى لا يتسبب هذا النزاع في حدوث صراع.
بدأت الجهود السياسية لتل أبيب وواشنطن بإرسال الوسيط الأمريكي عاموس هوکستین إلى بيروت. في لقاءاته ومحادثاته السياسية مع المبعوثين الأمريكيين، وصف الرئيس اللبناني ميشل عون حدود مصالح لبنان بالنسبة لهم، والتي تضمنت المطالب الوطنية والاقتصادية لحزب الله اللبناني.
استمرت سلطات الكيان الصهيوني في إطلاق الشعارات والتهديدات الفارغة لمدة شهرين حتى أصبح الوضع الداخلي للأراضي المحتلة والقدس مهدّداً بسبب الشعارات غير الواقعية لتل أبيب.
منذ الأسابيع الثلاثة الماضية، يصرّ الكيان الصهيوني على توقيع اتفاقية مع لبنان، وفي الوقت نفسه توقفت صرخة التهديدات. كان لهذا التغيير المفاجئ في النهج سببان رئيسيان: أولاً، الاضطرابات الداخلية في فلسطين وإعادة تنشيط المقاومة الشعبية وثانيًا، قوة المسیّرات التابعة لحزب الله اللبناني ومعادلة الردع التي وضعها السيد حسن نصر الله في خطبه أمام الصهاينة.
إن مجموع المخاوف الداخلية وفكرة الصراع خارج فلسطين مع محور المقاومة، دفع الاتفاق إلى الأمام وأجبر الكيان الصهيوني على حل هذه الخلافات في أسرع وقت ممكن، بل وحتى على التخلي عن كل ما سبق.
هذا النهج التحليلي لم يأتِ فقط نتيجة ما قام به الإعلام المقرب من المقاومة من تحليل، بل وإنّما مما رآه المحللون الصهاينة ووسائل الإعلام الصهيونية. وكتبت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها: "هناك حقيقة واضحة وهي أن حزب الله قوة رادعة لإسرائيل. خطاب نصرالله حذر جدا، هو لا يتسرع في إنهاء أي شيء، حتى ينتهي الأمر في النهاية." وكتبت صحيفة "معاريف" في هذا الصدد: "اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان أثبت ضعف حكومة يئير لابيد في حماية مناعة إسرائيل". والآن تتساقط قطع الدومينو الخاصة بانعدام الأمن وعدم الاستقرار الواحدة تلو الأخرى بحيث أصبحت تل أبيب أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى.
نشر زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، بيانا في وسائل الإعلام يوم الخميس 13 أكتوبر وهاجم لابيد بشدة وخاطبه "عندما تستسلم لنصر الله في لبنان ستندلع أعمال شغب في القدس". وحتى قبل الاتفاق بين تل أبيب وبيروت، حذّرت وسائل الإعلام العبرية احتجاجًا من أنشطة طائرات مسيرة تابعة لحزب الله اللبناني ضد جيش هذا النظام. وكتبت للصهاينة: حزب الله سينشر طائراته المسيرة أمام الجيش الإسرائيلي ويستخدمها. نفس الشيء الذي يفعله الروس في أوكرانيا ".