سبب النزول سورة الدهر المباركة
اتفق اغلب المفسرين ان (سورة الانسان) المباركة نزلت بحق آل بيت النبي صلى الله عليه وآله، حيث مرض الحسنان (عليهم السلام) فذهب الرسول(ص) لعيادتهما وأمر علياً وفاطمة (عليهم السلام) أن ينذرا أن يصوما ثلاثة أيام إن عافاهما الله، فاستجاب الله لهما، ومنّ على الحسنين بالشفاء والعافية فصاموا أربعتهم وفضة خادمتهم أيضاً، ولم يكونوا يملكون شيئاً يفطرون به.
القصة الكاملة لأيثار أهل البيت عليهم السلام
أخذ أميرالمؤمنين الامام علي (ع) مقداراً من الصوف مع ثلاثة أصواع من الشعير من شمعون اليهودي، على أن تغزل السيدة الزهراء(س) كل يوم ثلث الصوف، وتأخذ بإزائه صاعاً من الشعير. فغزلت السيدة فاطمة الزهراء(س) في اليوم الأول الثلث الأول من الصوف، وأخذت أجرتها صاعاً من ذلك الشعير فطحنته وخبزت به خمسة أرغفة من الخبز، وبعد أن صلّى الإمام علي(ع) صلاة العشاء مع الرسول(ص) عاد إلى البيت، وأحضرت فاطمة (س) الأرغفة ليفطروا إذ وقف على الباب مسكين وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من طعام الجنة. فابتدأ الإمام علي (ع) وقال: أنا أعطي رغيفي إلى هذا المسكين، فاتفق سائر أهل البيت وفضة على أن يقدموا أرغفتهم إلى المسكين، وأفطروا بالماء القراح، وصاموا اليوم الثالي وأخذت فاطمة(س) صاعاً من الشعير لقاء غزل الثلث الثاني من الصوف، وطحنته وصنعت به خمسة أرغفة من الخبز، وعندما أرادوا الإفطار وقف على الباب سائل وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، يتيم من يتامى المسلمين من أولاد المهاجرين، استشهد أبي في يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله من طعام الجنة، فأعطاه الإمام أميرالمؤمنين رغيفه، أولاً، ثم تبعته فاطمه(س) وأعقبهما الحسن والحسين(عليهما السلام) وبعدهم فضة السعيدة، فقدموا بأجمعهم أقراصهم إلى ذلك اليتيم وباتوا ليلتهم الثانية لم يفطروا إلا على الماء القراح، وصاموا اليوم الثالث من نذرهم، وقامت السيدة الزهراء(س) كذلك بغزل الثلث الأخير من الصوف لتأخذ ما تبقى من الشعير تصنع به أرغفة بعد أن تطحنها، ليفطروا بها في الليل. وعاد الإمام عليّ من الصلاة، وأحضرت فاطمة أقراص الشعير ليفطروا بها، إذ سمعوا صوتاً على الباب يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتؤثقوننا ولا تطعموننا؟ وتصدق آل البيت بكلّ الأقراص كما في الليالي السابقة وأفطروا بالماء أيضاً؛ فأنزل الله تعالى في حقهم سورة (الأنسان) أشار فيها إلى هذه القصة عندما قال عز من قائل: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ...) وعندما نزلت هذه السورة في الخامس والعشرين من ذي الحجّة، أقبل الرسول الاكرم(ص) إلى دار فاطمة فرآهم في جوع شديد وحالة غريبة، فبكى وقال: «ما هذه الحال التي أراكم عليها؟» ورأى الحسن والحسين(عليهما السلام) اللذين خرجا لتوهما من المرض وهما في دور النقاهة والجوع الشديد يرجفان كالفراخ التي خرجت تواً من البيض، ورأى فاطمة (س) واقفة في محرابها تعبد الله وقد التصق بطنها الشريف بظهرها من شدة الجوع، وقد غارت عيناها من الضعف، ولما فرغت من صلاتها، أرسل الله تعالى لها طبقاً من الجنة فيه إناء فيه لحم وثريد ساخن ريحه أحلى من المسك، فوضعته بين يدي رسول الله(ص)، فقال لها: «يا فاطمة أنّى لكِ هذا؟ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب».
فقال الرسول(ص): «الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني في أهل بيتي شبيهاً لمريم أم عيسى(ع)» ثم تناول من ذلك الطعام وظلوا يأكلون منه لمدة سبعة أيام ولا ينفد.
لقد ضرب اهل بيت النبي (ص) المثل الأروع في الإيثار، والمثل الأعلى في الصبر والصمود وقوة الإرادة، صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً، ضربوا المثل الأروع في ذلك، وهكذا هي سيرتهم التي ساروا عليها، وربوا عليها أبناءهم ومتعلقيهم، سيرة الإيثار، سيرة الصمود، سيرة الإرادة وقوة السلطان على النفس وعلى شهواتها وغرائزها.
ويدأب المؤمنون على التوجه لمرقد أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) لأداء مراسيم الزيارة والذكر في هذه المناسبة المباركة .