التقوى الفطريّة والعمليّة شرطان أساسيّان للإفادة من هداية القرآن الكريم. إنّ اشتراط التقوى يأتي من باب أنّ للإنسان عدوّاً لدوداً هو الشيطان: ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾، والشيطان عدوّ يرى بني آدم ويتربّص لهم ويباغتهم بالهجوم من حيث لا يحتسبون، في حين أنّ من هم عرضة لوساوس الشياطين وشرورهم لا يرون إبليس وجنوده: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ﴾.
في مثل هذه الحالة لا يكون هناك ملجأ ولا مأوى إلاّ بالاستعاذة بالذات الإلهيّة المقدّسة: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللهِ﴾ ، وقد عرّف الله سبحانه وتعالى سالكي طريق القرآن بهذا الحصن الحصين: ﴿فَإِذَا قَرَأتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللهِ مِنَ ٱلشَّيْطِانِ ٱلرَّجِيمِ﴾ ، فالله سبحانه هو وحده القادر على حفظ الإنسان من شرّ الشيطان وأذاه، لأنّ الله يرى الشيطان وجنوده، لكنّهم لا يرونه جرّاء أنانيّتهم: ﴿وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً﴾. فالإنسان ينال هذه الحراسة الإلهيّة في كنف الإيمان والعمل الصالح فيُصان من الانحراف والاعوجاج واتّباع وساوس الشيطان.
تفسير تسنيم ج ٢ ص ١٧٥
إقرأ أيضا: قبسات قرآنية (75 ).. (قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى)