وأبرز المغردون أن مصطلح الديانة الإبراهيمية تم إطلاقه في الألفية الثالثة ليشير إلى الأديان السماوية الثلاثة (الإسلامية المسيحية اليهودية) سعيا لتمرير التطبيع.
وكان اسم اتفاق إبراهام أطلق على اتفاقيات عار التطبيع العلني بين الإمارات والبحرين من جهة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى ضمن السعي للتوظيف السياسي للأبعاد الدينية والتاريخية لتمرير التطبيع تحت غطاء الدين.
وقال مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث إن مؤامرة الإماراتي تأتي استكمالًا لمشروع إشهار التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
وذكر المركز أن الإمارات تقود مهمة الترويج للتطبيع ليس على مستوى الأنظمة العربية فقط، إنما ليصل إلى وجدان الشعوب العربية المسلمة.
وذلك من خلال أكثر الأمور حساسية عندهم، وهو موضوع العقيدة والدين، ذلك لأن الإسرائيليين لديهم يقين، بأن التطبيع لن يكون ذو قيمة، إذا لم يتم تأطيره بطابع ديني ودوافع عقائدية، تجعله أكثر قوة وثبات.
ويخدم ذلك مسعى الاحتلال بتغيير النظرة العربية إليها من قبل شعوب المنطقة، من نظرة عدائية، إلى نظرة صداقة وحب ووئام.
حينها سينخفض مستوى ممانعة الشعوب للتطبيع إلى الحد الأدنى الذي لا يمكن لها أن تصمد أمام المد التطبيعي القادم.
وفي هذا الشأن، أنبرى حكام الإمارات للقيام بهذه المهمة، وأخذوا على عاتقهم الترويج للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي على المستوى الديني والعقائدي.
وها هم اليوم، يدعمون فرية جديدة تدعى “الدين الإبراهيمي”، أنفقت عليها أبوظبي المليارات، وقامت بتجنيد من تستطيع تجنيده، من رجال دينٍ وكتابٍ مأجورين، حتى يقلبوا الحق باطلًا والباطل حق.
من الواضح إن تل ابيب وبعد فشلها في تسويق فكرة وجود "الدولة الإسرائيلية" في قلب الأمة العربية والإسلامية، بعد عشرات السنوات من معاهدات السلام التي أبرمتها مع الأنظمة العربية سرًا وعلانية، لم تستطيع تسويق هذه الفكرة إلى الشعوب العربية والإسلامية.
إذ بقيت معاهدات السلام، على كف عفريت، يمكن أن تذهب أدراج الرياح بأي ثورة تقوم بها الشعوب على أنظمتها، لتعصف بتلك الأنظمة واتفاقيات التطبيع التي أبرمتها.
فكان لا بد من استراتيجية أخرى بديلة، لتسويق هذا التطبيع، فقاموا بإيجاد بدعة “الديانة الإبراهيمية” التي تستند على استخدام الدين ووضعه تحت جناح اليهودية التوراتية.
لتحل هذه الاستراتيجية الجديدة، محل المسار السياسي التفاوضي الفاشل والمرفوض شعبياً، مستغلين هزيمة الدول العربية عسكريا وأمنياً واقتصاديا.
وأختار حكام دولة الإمارات، أن يكونوا رأس الحربة في تنفيذ هذا المخطط بأدواته الدينية.
ويعود تاريخ وضع أسس هذه الاستراتيجية، إلى عهد أوباما وإدارته الديمقراطية، التي قامت بتأسيس مؤسسة متخصصة بها كجزء من وزارة الخارجية الأمريكية، لتصبح جزءً من السياسية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
وحشدت لأجل ذلك، مجموعات عمل متخصصه من رجال الدين لمزاوجة العمل السياسي بالدين. كما دعمت منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية.
وحينما جاءت إدارة دونالد ترامب، لم تلغي تلك الجهود، بل إنها بلورتها لتجعل منها استراتيجية، تنهي خلالها الصراع العربي الإسلامي مع الكيان الإسرائيلي.
ماذا كان رد فعل علماء الأمة؟
وبسبب خطورة هذه البدعة الجديدة التي يراد منها أن يفقد المسلمين دينهم وعقيدتهم، نادى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى عقد مؤتمرًا حوله، لتبيان موقف الأمة الإسلامية مما يسمى بـ”الديانة الإبراهيمية”.
ففي تاريخ 21 من شهر فبراير/ شباط الجاري، سيعقد مجموعة من علماء الأمة من سائر شرائح المسلمين في العالم الإسلامي، اجتماعًا افتراضيًا، يسعون خلاله، جمع كلمة المسلمين في مواجهة هذه البدعة والتعبير عن رفضهم القاطع لها ولسائر البدع الأخرى التي ترمي الإساءة للإسلام.
يرعى هذا المؤتمر بالإضافة إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كل من رابطة علماء المسلمين، وهيئة علماء المغرب العربي، وهيئة علماء فلسطين في الخارج.
وبمشاركة نخبة متميزة من علماء الأمة يمثلون 18 دولة.
وبمقابل جهود علماء الأمة، قام حكام الإمارات، باستقطاب بعض العلماء والدعاة لمهمة الرد على علماء الأمة.
من أمثال الشيخ عبدالله بن بيه، وعلي الجفري، وتنشيئ لهم ما يسمى بـ”مجلس حكماء المسلمين” كمؤسسة مقابلة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي تصنفه الإمارات كمؤسسة إرهابية! ليس لهم مهمة سوى، ليِّ آيات القرآن الكريم لتتوافق مع بدعة “الدين الإبراهيمي”.
ومن هذا يتبين إن خطورة التطبيع الإماراتي مع الكيان الإسرائيلي، ليس على المستوى السياسي أو العسكري، فهي دولة ليست ذات تأثير سياسي أو عسكري كبير.
إنما خطورة تطبيع أبوظبي تكمن في قيامه على أساسٍ ديني، أندفع فيه عيال زايد لشن حربٍ على الإسلام عقيدة وشريعة.
وتعدى مسألة التفريط في مقدسات المسلمين، إلى تبنيهم لمشروع يدعو إلى دين جديد أطلقوا عليه اصطلاحًا بـ”الديانة الإبراهيمية”، وهي ديانة جديدة تبشر بها الصهيونية العالمية، وتتبناها الصليبية الغربية، وتعتبر أن إنشاء بيت إبراهيمي، هو الحل الأمثل الذي تذوب فيه العداوات، وتختفي معه الخلافات.
ولأجل هذا، أعلنت الإمارات، عن نيتها إنشاء صرحٍ في الإمارات، يجمع الديانات السماوية الثلاثة، وسيضم كنيسة ومسجدا وكنيسًا يهودي، متوقع اكتمال بنائه عام 2022.
أما تل ابيب فهي تحاول من خلال توظيف مفهوم “الديانة الإبراهيمية”، أيجاد مدخلًا لترسيخ الحق اليهودي بالأراضي العربية الفلسطينية، وإبعاد أتباع الديانات الأخرى عن مناصرة حقوق الشعب الفلسطيني.