لمحات من تاريخ عمارة المرقد العلوي المطهر

السبت 14 مايو 2022 - 12:37 بتوقيت غرينتش
لمحات من تاريخ عمارة المرقد العلوي المطهر

أهل البيت-الكوثر: أقيمت على المرقد العلوي المطهر منذ ان أظهره الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وعلى تعاقب القرون عمارات وإصلاحات كثيرة.

قال السيد عبدالكريم بن طاووس (قدس) في "فرحة الغري" : (ولو أخذنا في ذكر من زارهُ وعَمَرَهُ, وتقرّب إلى الله تعالى بذلك لأطلنا فيه, من الملوك, والعظماء, والوزراء, والأدباء, والقضاة, والفقهاء, والعلماء, والمحدّثين النبلاء) [فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (فرحة الغري - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٥٧).

وهنا يجب ان نذكر ان المتوكل (على الشيطان) العباسي - لعنه الله- أمر في سنة 236هـ/850 م بهدم قبري أمير المؤمنين الامام علي  والامام أبي عبدالله الحسين عليهما السلام ومنع المؤمنين من زيارة هذين المشهدين الشريفين, ولم تنتهي المحنة إلا بمقتله على يد ولده المنتصر في سنة 247هـ/861 م، والذي تسلم مقاليد الحكم وخفف من التضييق على اتباع أهل البيت (عليهم السلام).

 يقول المؤرخ المسعودي في "مروج الذهب": (وكان آل أبي طالب قبل خلافته في محنة عظيمة, وخوف على دمائهم, قد مُنعوا زيارة قبر الحسين والغريّ من أرض الكوفة, وكذلك مُنع غيرهم من شيعتهم حضور هذه المشاهد, وكان الأمر بذلك من المتوكل (على الشيطان) العباسي سنة ست وثلاثين ومائتين... ولم تزل الأمور على ما ذكرنا إلى أنْ أُستُخلِفَ المنتصر, فأمن الناس, وتقدّم بالكف عن آل أبي طالب, وترك البحث عن أخبارهم, وأنْ لا يمنع أحد زيارة الحيرة لقبر الحسين رضي الله تعالى عنه, ولا قبر غيره من آل أبي طالب, وأمر برد فدَكَ إلى وُلد الحسن والحسين, وأطلق أوقاف آل أبي طالب, وترك التعرض لشيعتهم ودَفَعَ الأذى عنهم) [مروج الذهب ومعادن الجوهر: 4/ 149].

 ومما يجدر ذكره في هذا الصدد انَّ التضييق على العلويين وشيعتهم قد عاد بعد وفاة المنتصر بعد فترة حكم قصيرة استمرت لستة أشهر, ولم يعاد ترميم دكّة القبر التي هدمها المتوكل, بل تم رصف الحجارة حول القبر, وما يؤيد ذلك الرواية المهمة التي ذكرها ابن طاووس بسنده عن محمد بن علي بن دُحيم الشيباني, قال: (مضيتُ أنا ووالدي علي بن دُحيم, وعمّي حسين بن دُحيم, وأنا صبيٌّ صغير سنة نيف وستين ومائتين, ومعنا جماعة متخفّين إلى الغري لزيارة قبر مولانا أمير المؤمنين عليه السلام, فلمّا جئنا إلى القبر وكان يومئذ قبر حوله حجارة سند, ولا بناء عنده, وليس في طريقه غير قائم الغري) [ فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي عليه السلام] .

 ونقل هذه الرواية المهمة العلاّمة المجلسي في "بحار الأنوار", وجاء فيها ما نصه: (فلمّا جئنا إلى القبر وكان يومئذ حول قبره حجارة سود ولا بناء حوله عنده) [بحار الأنوار: 42/ 315].

 واستمر الأمر على هذا الحال إلى أن وضع داود العباسي صندوقاً خشبياً على القبر الشريف في عام 273هـ/886 م إثر حادثة نبش القبر وظهور الكرامة لمولانا أمير المؤمنين (ع). وبقي هذا الصندوق لمدة عشر سنوات معرضاً للظروف الجوية المختلفة الى أن أنشأ السيد محمد بن زيد الداعي الحسني العمارة الأولى لمرقد جده إمام المتقين عليه السلام.

وسوف نستعرض تاريخ ظهور المرقد المقدس لأمير المؤمنين عليه السلام