إِلٰهِى لَوْلَا الْواجِبُ مِنْ قَبُولِ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ مِنْ ذِكْرِى إِيَّاكَ عَلَىٰ أَنَّ ذِكْرِى لَكَ بِقَدْرِى لَابِقَدْرِكَ، وَمَا عَسَىٰ أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِى حَتَّىٰ أُجْعَلَ مَحَلّاً لِتَقْدِيسِكَ، وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيَانُ ذِكْرِكَ عَلَىٰ أَلْسِنَتِنا، وَ إِذْنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ .
إِلٰهِى فَأَلْهِمْنا ذِكْرَكَ فِى الْخَلَاءِ وَالْمَلَاءِ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَالْإِعْلانِ وَالْإِسْرارِ، وَفِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الْخَفِيِّ، وَاسْتَعْمِلْنا بِالْعَمَلِ الزَّكِيِّ وَالسَّعْىِ الْمَرْضِيِّ، وَجازِنا بِالْمِيزانِ الْوَفِيِّ .
إِلٰهِي بِكَ هامَتِ الْقُلُوبُ الْوَالِهَةُ، وَعَلَىٰ مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ الْعُقُولُ الْمُتَبايِنَةُ؛ فَلَاٰ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ إِلّا بِذِكْرَاكَ، وَلَا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلّا عِنْدَ رُؤْياكَ، أَنْتَ الْمُسَبَّحُ فِى كُلِّ مَكَانٍ، وَالْمَعْبُودُ فِى كُلِّ زَمَانٍ، وَالْمَوْجُودُ فِى كُلِّ أَوَانٍ، وَالْمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسَانٍ، وَالْمُعَظَّمُ فِى كُلِّ جَنانٍ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ رَاحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طَاعَتِكَ .
إِلٰهِى أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً﴾ وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾، فَأَمَرْتَنا بِذِكْرِكَ، وَوَعَدْتَنا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنا تَشْرِيفاً لَنا وَتَفْخِيماً وَ إِعْظَاماً، وَهَا نَحْنُ ذَاكِرُوكَ كَما أَمَرْتَنا، فَأَنْجِزْ لَنا مَا وَعَدْتَنا، يَا ذاكِرَ الذَّاكِرِينَ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.