وذكر موقع "العربي الجديد"نقلا عن المصادر أنه يشكل انتهاكاً جديداً لاتفاقية إعلان المبادئ الموقّعة بين مصر والسودان وإثيوبيا عام 2015، ويعد الخطوة الأخيرة في طريق التشغيل الفعلي للسد.
إثيوبيا تقترب من التشغيل الفعلي للسدّ
وقالت المصادر إن "محاولة أي طرف الآن لتقديم تطمينات وضمانات، بعيدة عن التوصل إلى اتفاق قانوني يضمن إشراك مصر والسودان في إدارة السد، تُعتبر محاولة لتضييع فرصة مصر الأخيرة في ذلك قبل التشغيل الفعلي للسد، وإحكام قبضة أديس أبابا على نهر النيل الأزرق الذي يمد مصر بـ80 في المائة من مواردها من نهر النيل".
النيل الأزرق يمد مصر بـ80 في المائة من مواردها من نهر النيل
وبينما تسعى مصر في الوقت الراهن لحلحلة أزمة سد النهضة الإثيوبي، في ظل استمرار النهج الذي تواصله أديس أبابا، برفضها التعاطي مع كافة الدعوات الرامية إلى الجلوس إلى طاولة مفاوضات تضم أطراف الأزمة، للوصول إلى اتفاق فني شامل وملزم، قال مصدر دبلوماسي مصري، إن القاهرة خاطبت أخيراً دولة السنغال، باعتبارها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، من أجل دعوة الأطراف الثلاثة والمراقبين، للاجتماع ووضع الإطار العام لمرحلة المفاوضات الجديدة، وتشكيل لجنة الخبراء.
وأكد المصدر أن القاهرة طالبت الاتحاد الأفريقي بضرورة الدعوة في أسرع وقت لمفاوضات جديدة في ظل مواصلة أديس أبابا استعداداتها للملء الثالث لخزان السد، والذي من المقرر أن يكون في يوليو المقبل.
وأكد دبلوماسي مصري سابق وخبير في القانون الدولي، أنه "بإتمام التعلية الجديدة في سد النهضة، وتنفيذ الملء الثالث وتشغيل التوربين الأول، تكون إثيوبيا قد أكملت مخططها الخاص بالسد، والذي اعتمد على استراتيجية التنويم وإطالة أمد المفاوضات غير المجدية حتى تنتهي عملية البناء والتشغيل، وتصبح أمراً واقعاً لا يمكن إيجاد حلول له".
تطمينات أميركية للقاهرة
لكن مصدراً فنياً في وزارة الري المصرية، قال إنه على الرغم من التوتر السياسي المتعلق بالأزمة في ظل تجاهل أديس أبابا المطالب المصرية بالجلوس على مائدة المفاوضات، فإن دائرة الرئاسة المشرفة على ملف الأزمة، تلقت تقارير فنية أميركية، متعلقة بعدم خطورة الإجراءات الإثيوبية الحالية، سواء تلك المتعلقة ببدء توليد الكهرباء من السد أو تلك المتعلقة بفتح بوابتي التصريف في جسم السد، من أجل تجفيف الممر الأوسط، تمهيدا للمرحلة الجديدة من صب الخرسانات وتعلية الممر، استعدادا للملء الثالث.
وأشار المصدر إلى أن التقرير الأميركي الذي وصفه بـ"الحديث"، تضمّن تطمينات للقاهرة، نتيجة للنداءات المتكررة من جانب مصر للولايات المتحدة أخيراً بشأن ممارسة ضغوط على حكومة أبي أحمد من أجل دفعه للتوجه إلى مفاوضات مع مصر والسودان.
ولفت إلى أن التقرير الذي بعث به الجانب الأميركي أخيراً إلى القاهرة، يأتي في ظل توجيه واشنطن تركيزها الرئيسي على السيطرة على تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا على مصالحها في المنطقة في الوقت الراهن.
وتعليقاً على ذلك، قال مصدر فني مصري إنه "لا يمكن التعويل على أي تطمينات من أي طرف، ولا يمكن الاعتماد سوى على وجود اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، تكون مصر فيه صاحبة حق في مراقبة تشغيل السد والاشتراك فيه، بما يضمن عدم تضرر مصر والسودان من السد، وأن غير ذلك يعتبر محاولات لترحيل الأزمة".
وأضاف المصدر أن "المطالب المصرية بالاشتراك في تشغيل ومراقبة سد النهضة، ليست كما تزعم إثيوبيا بأنها محاولات للتدخل في الشؤون الداخلية، لكنها مطالب مشروعة، إذ إن الأعراف الدولية، بعيداً عن اتفاق إعلان المبادئ، تلزم الدول المشتركة في الأنهار الدولية، بعدم الإضرار ببعضها البعض".
وأوضح أن "الضرر الذي يمكن أن يقع على دولتي المصب، ليس فقط ضرر الجفاف، ولكن يمكن أن يكون خطر الفيضان، وهو ما يمكن أن يحدث حالياً في السودان مع فتح إثيوبيا بوابتي التصريف يوم السبت الماضي".
تحركات إثيوبيا تشير إلى عزمها تنفيذ أعمال التعلية في جسم السد
كما قال مصدر مصري خاص إن "هناك حالة من القلق تسيطر على الدائرة المعنية بالملف، على الرغم من أن صور الأقمار الصناعية، وتقارير متابعة الحالة التي ترد بشأن أعمال البناء في موقع السد، تؤكد عدم خطورة التحركات الإثيوبية في الوقت الراهن من الناحية العملية، لكنها سوف تؤدي في القريب العاجل إلى وضع لا يمكن التعامل معه".
ولفت المصدر إلى أن "الخطوة الرئيسية الخطيرة تتعلق فقط بعدم تقديم إثيوبيا بيانات دقيقة بشأن النسب الحقيقية المحددة للملء خلال موسم الفيضان المقبل"، قائلاً إنه "يمكن للجانب الأميركي تزويد الخرطوم والقاهرة بتلك البيانات لحين الاتفاق على موعد إطلاق جولة مفاوضات جديدة".
توصيات مصرية بالتصعيد
وأشار المصدر إلى أن من بين التقديرات الداخلية التي أعدتها الدائرة المشرفة على ملف أزمة السد، تقديراً حمل توصيات متعلقة بتصعيد مصري، عبر إجراءات متعلقة بالخطاب الإعلامي، والتحرك مع السودان عبر تدريبات عسكرية جديدة تتضمن التدريب على مسرح عمليات مشابه للجغرافيا الإثيوبية، للفت الأنظار الدولية، وتحفيز القوى الدولية الكبرى على التدخل السريع قبل شهر يوليو المقبل.
ويعتبر تقدير هذا التاريخ الفرصة الأنسب، طالما أن الملء المقبل لا يعول عليه كثيراً بالنسبة لإثيوبيا، حيث تشير التقديرات الفنية إلى أنه لن يتجاوز الثلاثة مليارات متر مكعب، تحت أي ظرف من الظروف، مؤكداً أنه في هذه الحالة سيكون مجموع ما تمّ تخزينه يتراوح بين 10 و11 مليار متر مكعب.
وشدّد المصدر على أن القاهرة تسعى في الوقت الراهن لإيصال رسائل للمسؤولين في السودان بأنها تصب تركيزها على الوصول لمعلومات دقيقة بشأن عملية الملء الثالث، حتى لا يتضرر السودان كما حدث خلال الملء الأول والذي تسبب في فيضانات كبيرة في هذا البلد.
وبحسب التقديرات المصرية، فإن التخزين الأول لسد النهضة لم يتجاوز الـ4 مليارات متر مكعب، والثاني 3 مليارات متر، وذلك بالمخالفة لما تصر إثيوبيا على إعلانه، بالمخالفة أيضاً للجدول الذي أعلنته خلال جولات سابقة من المفاوضات. إذ كان مقرراً أن يصل حجم المياه المحتجزة خلف السد مع الملء الثالث لنحو 24 مليار متر مكعب، من إجمالي 74 مليار متر مكعب هي سعة السد المعلنة من جانب الحكومة الإثيوبية.
والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، على أهمية استمرار السعي نحو مفاوضات جادة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي حول سدّ النهضة، ليفضي ذلك إلى اتفاق قانوني ملزم يحقق مصالح الدول الثلاث، مع دعوتهما إثيوبيا إلى الانخراط الفعّال في المفاوضات بأسرع وقت ممكن.
وأكد شكري والصادق مواصلة الجهود الجارية لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، وذلك من منطلق الروابط الأزلية التي تربط البلدين والعلاقات التاريخية ووحدة المسار والمصير بين شعبي وادي النيل. وذكر بيان مشترك عقب لقاء الوزيرين على هامش اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، أنهما أكدا استمرار التنسيق بين البلدين إزاء التحديات التي تواجههما، وأهمية تنسيق مواقفهما إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وفي 20 فبراير/شباط الماضي، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن “سد النهضة لا يحمل ضررا لأحد ولا لدول المصب”، في رسالة واضحة لمصر والسودان أن المياه ستستمر في تدفقها إليهما.
وحضر رئيس الوزراء الإثيوبي في ذات اليوم، أول عملية إنتاج لـ 375 ميغاوات من الطاقة الكهرومائية من “سد النهضة”.
ومن المقرر أن يولد سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي يحتوي على 13 توربينًا قدرة تراكمية تبلغ 5150 ميغاوات.
وتتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.