يا صاحِ هلاّ طُفْتَ بالأحزانِ *** في أرضِ سُوريةٍ هناكَ تفانِ
قبرٌ لِسبْطَةِ أحمدٍ عَصَفَتْ بهِ *** هوجاءُ غادرةٍ وحِقدُ جبانِ
قبرٌ نسائمُهُ الحُشُودُ تحلَّقَتْ *** حولَ المزارِ ومُلتقى الغُفرانِ
رامُوا إزالةَ صرحِها مِقدامَةً *** من عترةِ الهادي إلى الرِّضوانِ
حملتْ هُمومَ الكَونِ يومَ استُبْعِدَتْ *** عن كربلاءَ ومَصرَعِ الشُّجعانِ
فعلى الثرى المَذبوحُ سيِّدُ أهلِها *** وإمامُ مِنهاجِ الهُدى الرَبّاني
وخليفةُ اللهِ الأصيلُ وصيّةً *** غالتْهُ بُغضاً زُمرةُ الذُؤْبانِ
يا صبرَ زينبَ والعِيالُ تحُفُّها *** فَزَعَاً مخافةَ قَسوةِ الخَوّانِ
يُؤذي بسوطِ الحقدِ آلَ محمدٍ *** ويحيفُ بالاطفالِ والنِّسوانِ
نَكلوا بعائلةِ النبيِّ محمدٍ *** تاللهِ تلكَ شريعةُ النُكرانِ
قد أوقَفُوا آلَ الرسولِ بقَصْرِ مَنْ *** بَغَضَ النَبِيَّ وشكَّ بالقرآنِ
وهو الذي سَرَقَ الخِلافةَ دَولةً *** غابَ الشريفُ بها وسادَ الجاني
يا صبرَ زينبَ وهي تُبصِرُ مِحنةً *** فاْبْنُ الجَهالةِ نَشوةُ السكرانِ
يَهوي على رأسِ الحُسينِ بسَوطهِ *** ثأراً وينكُتُ ثَمَّ بِالأسنانِ
يروي قصيدَ الكافِرينَ تشفِّياً *** ويُعيدُ خِزْيَ حَبائبَ الاوثانِ
في وقفةِ المجْدِ الأبيّةُ زينبٌ *** صرَختْ بوجهِ الإثمِ والعُدوانِ
مسَحَتْ به أرضَ البِلاطِ هَصُورَةً *** فغدا يزيدُ فضيحةَ الأزْمانِ
نَسفَتْ خديعةَ جائرٍ مُتغَطْرسٍ *** بثباتِ قَولٍ بَلْ بِبأْسِ جَنانِ
فتخلّدَتْ عَبْرَ الدُّهورِ خَطِيبَةً *** واسَتْ فِداءَ السِّبطِ بالإعلانِ
فهي ابنةُ الهادي النذيرِ عقيلةٌ *** هي كربلاءُ وثورةٌ ومعانِ
السامريُّونُ استَشاطوا غَضْبَةً *** لفَظُوا فحيحاً ضارِمَ النِّيرانِ
حرقوا المَساجدَ والقِبابَ مَعالِماً *** تهدي العبادَ الى رِضا الرحمنِ
قتلوا المُروءةَ والصفاءَ وخِلَّةً *** كِرمى الطُّغاةِ وباعةِ الأوطانِ
الآكِلينَ من الخيانةِ مَطعَماً *** والشاربينَ باَكْؤُسِ الخِذلانِ
قد حاصَروا قَبْرَ العقيلةِ مَرقداً *** خسِئتْ مآربُهُم بنو الشَّيطانِ
لم يَدرِكُوا أنَّ الضريحَ رسالةٌ *** صوتٌ يُهيبُ بصولَةِ المُتفانِي
ذادَ الحُماةُ ودافَعُوا عن قبرِها *** فتبَعثرَتْ معزوفَةُ الغِربانِ
تلك العقيلةُ زينبٌ مَحروسةٌ *** بفِداءِ مَن ضَحّى على إيمانِ
فالزينبيَّةُ والخلُودُ تلازمٌ *** يا خيبةَ المتَوحِّشِ الخَسْرانِ
بقلم الكاتب والاعلامي حميد حلمي البغدادي