ارحموا عزيز قوم ذل .. النبي (ص) يعفو عن سفانه ابنة حاتم الطائي إكراما لوالدها

الإثنين 17 يناير 2022 - 08:20 بتوقيت غرينتش
ارحموا عزيز قوم ذل .. النبي (ص) يعفو عن سفانه ابنة حاتم الطائي إكراما لوالدها

أهل البيت-الكوثر: وصَفَ الله تعالى في القرآن الكريم خُلق نبيّه (صلى الله عليه وآله) بأنَّه عظيم، فقال سبحانه وتعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فقد اتَّصف رسول الله (ص) بجميع مكارم الأخلاق، وهذا الثّناء جاء لشخص الرسول (ص) كون هذه الأخلاق ثابتة راسخة متأصّلة فيه.

ومن خلق نبي الرحمة محمد (ص) تمثل في بسبايا "بني طيئ" عند دخولهم المدينة المنورة، وأدخل السبي على النبي (ص)، ومعهم "سفانة بنت حاتم الطائي"  وكانت أمرأة بالغة الجمال، فتعجب الحاضرون من حسنها وجمالها، فلما تكلمت  نسوا حسنها وجمالها، لحلاوة منطقها وجمال فصاحتها !

فقالت :
يا محمد (ص)... هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فأن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي الأعداء من قبائل العرب ، فأني أبنةُ سيد قومه، وأن أبي كان يُحب مكارم الأخلاق ،
وكان يُطعم الجائع ، ويفكُ العاني ويكسو العاري ، وما أتاهُ طالب حاجة  إلا ورّدهُ  بها معززاً مكرّماً ..

فقال النبي (ص): من والدك و من وافدك ؟
قالت: والدي حاتم بن عبدالله الطائي ، و وافدي أخي عدي بن حاتم .

 [وكان عدي قد فرّ الى الشام بعد هزيمة قبائل بني طي أمام المسلمين في  السنة التاسعة من الهجرة  ،  ثم تنصّر هناك وإلتجأ إلى ملك الروم ]

 فقال النبي (ص): فأنت أبنة حاتم الطائي ؟
قالت : بلى..
فقال (ص) : يا سفانة ..هذه الصفات التي ذكرتيها إنما هي صفات المؤمنين ، ثم قال (ص) لأصحابه :  أطلقوها كرامة لأبيها  لأنه كان يحب مكارم الأخلاق!!
 فقالت: أنا ومن معي من قومي من السبايا والأسرى .

 فقال (ص): أطلقوا من معها كرامة لها ولأبيها ،
ثم قال (ص) : ((أرحموا ثلاثاً ، وحق لهم أن يُرحموا : عزيزاً ذلّ من بعد عزّهِ ،
وغنياً افتقر من بعد غناه ، وعالماً ضاع ما بين جُهّال )).

 فلما رأت  سفانة هذا الخلق الكريم الذي لا يصدر إلا من قلبٍ كبير ينبض بالرحمة والمسؤولية ،  قالت وهي مطمئنة :
أشهد أن لاإله إلا الله..... وأشهد أن محمداً رسول الله، وأسلم معها بقية السبي  من قومها.

 وأعاد رسول الله (ص) ما غنمه المسلمون من بني طيئ  إلى سفانه، ولما تجهزوا للرحيل  قالت سفانة : يا رسول الله إن بقية رجالنا وأهلنا صعدوا إلى صياصي الجبال خوفاً من المسلمين  فهل ذهبت معنا  وأعطيتهم الأمان حتى ينزلوا ويسلموا على يديك فأنه الشرف ؟ فقال النبي (ص): سأبعث معكم رجلاً من أهل بيتي يحمل إليهم أماني.

فقالت من هو يارسول الله ؟

قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)..

ثم أمر النبي (ص) أن يجهزوا لها هودجاً مبّطناً  تجلس فيه معززة  مكرمة  وسيرها مع السبايا من قومها ومعهم علي بن أبي طالب (ع) حتى وصلوا إلى منازل بني طي في (جبل أجأ)

 ونادى علي بن أبي طالب (ع) بأمان رسول الله (ص) بأعلى صوته حتى سمعه كل من في الجبل، فنزلت رجال طي وفرسانها جماعات وفرادى إلى الوادي فلما وقعت أبصارهم على نسائهم وأبنائهم وأموالهم  وقد عادت إليهم بكوا جميعا، وألتفوا حول الإمام وهم يرددون الشهادتين، فلم يمض ذلك اليوم إلا ودخلت كل قبيلة بني طي في الإسلام .

ثم بعثت سفانة الى أخيها "عدي بن حاتم الطائي" تخبره عن عفو رسول الله (ص) وكرمه وأخلاقه ، وحثـّتهُ على القدوم إلى المدينة المنورة ومقابلة النبي الكريم محمد (ص) والإعتذار منه والدخول في الإسلام ، فتجهز عدي من ساعته وقصد المدينة ودخل على رسول الله (ص) وأسلم على يديه  الشريفتين ، ثم عاد الى قومه معززاً مكرماًً وصار بعد ذلك من خيار المسلمين،  وجاهد بين يدي أمير المؤمنين في حروبه (الجمل وصفين والنهروان) واستشهاد اولاده الثلاثة "طريفاً وطرافاً وطرفة" تحت راية أمير المؤمنين علي بن ابي طالب .

دفاع عدي عن الامام علي (ع) عند معاوية

روى المسعودي أن معاوية بن ابي سفيان قال ذات يوم لعدي «ما أنصفك علي، قُتل أولادك وبقي أولاده»، فقال عدي: «ما أنصفتُ علياً، إذ قُتل وبقيتُ بعده‏»، ثم حذّره عدي من الإساءة لعلي (ع) قائلا: (( والله، إن قلوبنا التي أبغضناك بها لفي‏ صدورنا، وان أسيافنا التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن أدنيت إلينا من الغدر فتراً لندنينَّ إليك من الشرّ شبراً، وإنّ حَزَّ الحلقوم وحشرجة الحيزوم لأهون علينا من أن نسمع المساءة في علي.‏

إقرأ أيضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (46) عدي بن حاتم الطائي (رضوان الله عليه)