فَأَجابَها أَبُوبَكْرٍ عَبْدُاللهِ بْنُ عُثْمانَ، فَقَالَ:
يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ، لَقَدْ كانَ أَبُوكِ بالمُؤْمِنِينَ عَطُوفاً كَريماً، رَؤُوفاً رَحِيماً، وَعَلىَ الْكافِرِينَ عَذاباً ألِيماً وَعِقاباً عَظِيماً ؛ فَإنْ عَزَوْناهُ وَجَدْناهُ أباكِ دُونَ النِّساءِ، وَأَخاً لِبَعْلِكِ دُونَ الْأَخِلاّءِ، آثَرَهُ عَلى كُلِّ حَمِيمٍ، وَساعَدَهُ فِي كُلِّ أمْرٍ جَسيمٍ، لا يُحِبُّكُمْ إلّا كُلُّ سَعِيدٍ، وَلا يُبْغِضُكُمْ إلّا كُلُّ شَقِيٍّ ؛ فَأَنْتُمْ عِتْرَةُ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله الطَّيِّبُونَ، وَالْخِيَرَةُ الْمُنْتَجَبُونَ، عَلَى الْخَيْرِ أَدِلَّتُنا، وَإلَى الْجَنَّةِ مَسالِكُنا، وَأَنْتِ -يا خَيْرَةَ النِّساءِ وَابْنَةَ خَيْرِ الْأنْبِياءِ- صادِقَةٌ فِي قَوْلِكَ، سابِقَةٌ فِي وُفُورِ عَقْلِكِ، غَيْرُ مَرْدُودَةٍ عَنْ حَقِّكِ، وَلا مَصْدُودَةٍ عَنْ صِدْقِكِ، وَ وَاللهِ، ما عَدَوْتُ رَأْيَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله يَقُولُ: "نَحْنُ مَعاشِرَ الْأَنْبِياءِ لا نُوَرِّثُ ذَهَباً وَلا فِضَّةً وَلا داراً وَلا عِقاراً، وَإنَّما نُوَرِّثُ الْكُتُبَ وَالْحِكْمَةَ، وَالْعِلْمَ وَالنُّبُوَّةَ، وَما كانَ لَنا مِنْ طُعْمَةٍ فَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ بَعْدَنا أنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِحُكْمِهِ".
وَقَدْ جَعَلْنا ما حاوَلْتِهِ فِي الكُراعِ وَالسِّلاحِ يُقابِلُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، وَيُجاهِدُونَ الْكُفّارَ، وَيُجالِدُونَ الْمَرَدَةَ ثُمَّ الْفُجّارَ. وَذلِكَ بِإجْماعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ أَتَفَرَّدْ بِهِ وَحْدِي، وَلَمْ أَسْتَبِدَّ بِما كانَ الرَّأْيُ فِيهِ عِنْدِي. وَهذِهِ حالي، وَمالي هِيَ لَكِ وَبَيْنَ يَدَيْكِ، لانَزْوي عَنْكِ وَلا نَدَّخِرُ دُونَكِ، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ اُمَّةِ أبِيكِ، وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ لِبَنِيكِ، لا يُدْفَعُ ما لَكِ مِنْ فَضْلِكِ، وَلا يُوضَعُ مِنْ فَرْعِكِ وَأَصْلِكِ ؛ حُكْمُكِ نافِذٌ فِيما مَلَكَتْ يَداي، فَهَلْ تَرينَ أَنْ اُخالِفَ فِي ذلِكِ أباكِ صلّى الله عليه وآله؟
اقرأ المزيد: اعلموا أني فاطمة {7}
اقرأ المزيد: اعلموا أني فاطمة {9}
اقرأ ايضا: الخطبة الفدكية للزهراء عليها السلام