يقول الغزالي (أَبْو حَامِدْ مُحَمّد الغَزّالِي الطُوسِيْ النَيْسَابُوْرِيْ): " أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته من غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى ، فهذا تسليم ورضى وتحكيم ، ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرياسة ولما مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله) قال قبل وفاته ائتوا بدواة وبياض لأزيل لكم إشكال الأمر ، وأذكركم من المستحق لها بعدي ، قال عمر : دعوا الرجل فإنه يهجر . . . فإذن بطل تعلقكم بتأويل النصوص ، فعدتم إلى الإجماع ، وهذا منصوص أيضا ، فإن العباس وأولاده وعليا وزوجته وأولاده ، وبعض الصحابة ، لم يحضروا حلقة البيعة . . . وخالفكم أصحاب السقيفة في متابعة الخزرجي " ( 1 ) .
ويقول الشهرستاني (أبو الفتح الشهرستاني 1086م - 1153م) في الملل والنحل . " ومثل ما جرى في كمال الإسلام وانتظام الحال حين نزل قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " فلما وصل غدير خم أمر بالدوحات فقممن ، ونادوا الصلاة جامعة ، ثم قال ( عليه السلام ) وهو يۆم الرحال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ألا هل بلغت ؟ ثلاثا " ( 2 ) .
وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم عن زيد بن أرقم قال : " لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير " خم " أمر بدوحات فقممن ، فقال : كأني دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مۆمن ، ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . " . يقول الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد أخرجه الحافظ الذهبي في تلخيصه على المستدرك . . . " ( 3 ) .
وفي المناقب لابن المغازلي، عن أبي هريرة قال: " من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير " خم " كما أخذ النبي (ص) بيد علي (ع) فقال: ألست ولي المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن، وأنزل الله: (اليوم أكملت لكم دينكم) (4).
وحديث الغدير أخرجه علماء مدرسة الخلافة وحفاظهم بطرق كثيرة . فيهم :
ابن حجر العسقلاني في الإصابة ( 5 ) ، والقندوزي في ينابيع المودة , والمقريزي في خططه ( 6 ) ، والإمام أحمد في مسنده ( 7 ) ، والبيهقي في كتابه الاعتقاد على مذهب السلف وأهل الجماعة ( 8 ) ، والسيوطي في الجامع الصغير ( 9 ) ، وتاريخ الخلفاء ( 10 ) ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ( 11 ) ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ( 12 ) والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( 13 ) ، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة ، ( 14 ) وابن تيمية في كتابيه ، حقوق آل البيت ( 15 ) والعقيدة الواسطية ، والمسعودي في مروج الذهب ، والبلاذري في أنساب الأشراف ، وابن كثير في تفسير القرآن الكريم ، وابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة ، وغير هۆلاء من حملة الآثار من علماء مدرسة الخلافة.
الرد على من انكر حديث الغدير:
1- ابن حزم:
يقول ابن حزم : " وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلا . . . " لقد أضلته العصبية المذهبية كما أضلت غيره ، وإلا فما يقول في الذين ذكرناهم ، أليسو من الثقات والعدول عنده ؟
2- ابن خلدون:
ماذا يقول ابن خلدون وغيره عن روات حديث الغدير من مدرسة الخلافة أليسو ثقاته ؟ أليسو من جهابذة علماء مدرسة الخلافة ورواتهم ، أم أنهم من عوامهم وجهالهم ؟
3- الشيخ محمد أبو زهرة:
يقول الشيخ محمد أبو زهرة : " . . . ومخالفوهم - أي مخالفوا مدرسة الإمامة - يشكون في نسبة هذه الأخبار إلى الرسول ( ص) ؟
فالشيخ أبو زهرة قد طعن في رواة مدرسة الخلافة وحفاظهم ، حيث ذهبوا إلى تصحيح هذه الروايات ، والشيخ يطعن في صحتها . ولا شك أن رواة الحديث أعرف بصحة الحديث من الشيخ أبو زهرة .
يقول ابن كثير في تفسيره : " وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله ( ص) قال في خطبته بغدير " خم " . . . " ( 16 )
ويقول ابن حجر : " إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه . . . ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده . . . " ( 17 )
ويقول ابن تيمية ، مع شدة معارضته لمدرسة الإمامة : " وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : خطبنا رسول الله (ص) بغدير يدعى " خم " بين مكة والمدينة . . . " ( 18 ) إلى غير ذلك من أقوال علماء مدرسة الخلافة وحفاظهم ، والتي تدل على صحة حديث الغدير الناصة على خلافة علي بن أبي طالب (ع) .
المصادر:
( 1 ) أبو حامد الغزالي : سر العالمين وكشف ما في الدارين - ص 10 .
( 2 ) الشهرستاني : الملل والنحل - ج 1 - ص 163 . ( * )
( 3 ) الحاكم : المستدرك على الصحيحين - ج 3 - ص 109 وأيضا الحافظ الذهبي في تلخيصه .
(4) ابن المغازلي المناقب - ص 31.
( 5 ) ابن حجر العسقلاني : الإصابة - ج 2 - ص 15 - وأيضا ج 4 - ص 568 .
( 6 ) المقريزي : الخطط - ج 2 - ص 92 .
( 7 ) الإمام أحمد في مسنده : ج 1 - ص 331 ط 1983 .
( 8 ) البيهقي : كتاب الاعتقاد - ص 204 - وأيضا 217 ط بيروت - 1986 .
( 9 ) السيوطي : الجامع الصغير - ج 2 - ص 642 .
( 10 ) السيوطي : تاريخ الخلفاء ص 169 .
( 11 ) المحب الطبري : الرياض النضرة - ج 2 - ص 172 .
( 12 ) ابن خلكان : وفيات الأعيان - ج 4 - ص 318 ، 319 .
( 13 ) الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد - ج 7 - ص 437 .
( 14 ) ابن قتيبة : الإمامة والسياسة ج 1 - ص 109 .
( 15 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت - ص 13 . ( * )
( 16 ) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج 4 - ص 113 .
( 17 ) ابن حجر الهيثمي : الصواعق المحرقة ص 42 .
( 18 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت ص 13 . ( * )
إقرأ أيضا: الخطبة الفدكية للسيدة الزهراء (عليها السلام ) في مصادر مدرسة الخلافة