ولد الشيخ الاميني في مدينة تبريز عام 1320هـ – 1902م، وكان ابوه الشيخ أحمد بن الشيخ نجف علي الملقب بأمين الشرع – ومنه لقب الاميني – بن الشيخ عبد الله صاحب علم وتقى، فورث الاميني (قده) عن أهله المجد كابراً عن كابر.
دراسته:
درس عبد الحسين الأميني أوليات العلوم عند والده ، ثم تتلمذ على آخرين بتردده إلى مدرسة الطالبية ، وهي من أهم مراكز الثقافة ومعاهد العلم المعروفة بتبريز يوم ذاك ، وما زالت قائمة حتى الآن . فقرأ مقدمات العلوم ، وأنهى سطوح الفقه والاصول على عدد من أجلة علماء تبريز ، أمثال :
1- آية الله السيد محمد بن عبد الكريم الموسوي الشهير بمولانا .
2- آية الله السيد مرتضى بن أحمد بن محمد الحسيني الخسروشاهي .
3- آية الله الشيخ حسين بن عبد علي التوتني .
4- العلامة الحجة الشيخ ميرزا علي أصغر ملكي .
سفره إلى النجف:
وبعد أن بلغ الشيخ الأميني عند هؤلاء الفطاحل مرتبة سامية ، وأنهى دراسة الدور الذي يدعى بالسطوح ، وتأهل للحضور في مرحلة درس الخارج ، غادر مسقط رأسه ، قاصداً الجامعة الإسلامية الكبرى (النجف الأشرف) فحلها ، واستوطن بلدة باب مدينة علم الرسول (ص) معتكفا على طلب العلم ، ساهرا على تحصيل المعارف من فيض تلك البقعة المقدسة، جادا في بلوغ مراتب الكمال والفضيلة ، فحضر على جمع من مهرة الفن، وجهابذة العصر ، وتلقى الينبوع الصافي من لدن عمالقة الفقه والأصول والكلام أمثال:
1- آية الله السيد محمد باقر الحسيني الفيروزآبادي
2- آية الله السيد أبو تراب بن أبي القاسم الخوانساري .
3- آية الله الميرزا علي بن عبد الحسين الايرواني .
4- آية الله الميرزا أبو الحسن بن عبد الحسين المشكيني .
عودته إلى تبريز:
قضّى الأميني (رحمه الله) عند هؤلاء الأعلام أعواما ، انتهل من فيض علومهم ، وتزود من معارفهم ، وتلقى منهم الفضائل والكمال ، ونال درجة رفيعة من العلم ، ورتبة سامية من المعرفة ، وحظا وافرا من الأدب ، ثم عاد إلى مسقط رأسه ، وحط بها رحل المقام فترة غير قصيرة . كان له بها مجالس وعظ وارشاد في تهذيب النفوس وتوجيهها توجيها إسلامياً، وتغذية أبناء مدينته ببنات أفكاره وآرائه من المعارف الدينية، على ضوء الكتاب السماوي القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة ، وأحاديث أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا . وقد تركت تلك المدارس الإصلاحية ، وتوجيهاته الدينية، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أطيب الأثر في نفوس هواة محافله ومجالسه، وأبقت له ذكراً خالداً إلى الأبد .
وفي أثناء تلك الخطوات الاصلاحية ، وأداء الواجب الديني ، عكف على المطالعة والتحقيق والتأليف ، وخصص لها شطرا من وقته كل يوم ، وكانت ثمراتها اليانعة تأليفه النفيس (تفسير فاتحة الكتاب)، وهو أول خطوة خطاها في هذا الميدان المقدس ، وقد قام بتدريس بحوث كتابه هذا في المجالس التي كان يحاضر بها .
توطنه النجف الأشرف:
وبعد برهة رأى أن روحه التواقة للعلم ، وشغفه النفسي يهفوان به إلى المزيد من الفضل والكمال ، ويدفعانه إلى مركز القداسة والعظمة (النجف الأشرف)، حيث التزود من قدسية تلك المدينة الطيبة ، والبقعة المشرفة التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه ، والاستفاضة من حلقات دروسها، والانتهال من ندواتها الزاخرة التي تتجلى فيها أنواع العلوم بأسمى حقائقها وأعمق مراحلها ، لذلك عاد إليها ، قاصدا توطنها ، تاركا خلفه جل ما هيئ له في وطنه من رغد العيش ، والمقام الرفيع والجاه والمنزلة ، غير مكترث بالرئاسة الروحية التي كانت لوالده (رحمه الله) ، والمنزلة التي كانت تتحلى بها اسرته .
أساتذته وأجتهاده:
وبعد أن حل تلك التربة الزكية ، واستوطن تلك المدينة الطيبة وفيها حضر على جمع من فطاحل العلم ، وجهابذة الفكر وأروى ظمأ قلبه من بنات أفكارهم فبلغ بدراسته المرتبة التي كان يطلبها ، وأحرز درجة عالية في الفلسفة والكلام ، واجتهاداً في الفقه ، وتبحراً في الأصول ، وألّف بهما ، وجمع محاضرات أساتذته في الفقه والأصول ، وعلق عليهما ، شأن غيره من تلامذة تلك العاصمة الدينية ، والمركز العالمي للثقافة الإسلامية ، وبلغ رتبة الاجتهاد في المعقول والمنقول ، وحاز على شهاداتهما ممن كانت الزعامة الشيعية منوطة بهم .
وقد عرف أساطين العصر ، وقادة العلم في ذلك اليوم ما بلغه الأميني من مراتب العلم ، وما حازه من مدارج الفضيلة والكمال ، ووقفوا على طول باعه ، وغزير علمه ، وفضله الكثير في الصنوف التي خاض غمارها ، فقلد وسام الاجتهاد ، ومنح استقلال الرأي والإفتاء من لدن كل من :
1- آية الله المرحوم السيد ميرزا علي ابن المجدد الشيرازي .
2- آية الله المرحوم الشيخ الميرزا حسين النائيني النجفي .
3- آية الله المرحوم الشيخ عبد الكريم بن المولى محمد جعفر اليزدي الحائري.
4- آية الله المرحوم السيد أبو الحسن بن السيد محمد الموسوي الاصفهاني .
5- آية الله المرحوم الشيخ محمد حسين بن محمد حسن الاصفهاني النجفي الشهير بالكمباني .
6- آية الله المرحوم الشيخ محمد الحسين بن الشيخ علي آل كاشف الغطاء .
مشايخه في الرواية:
تيمنا بالدخول في سلك حملة أحاديث آل الرسول صلوات الله عليه وعليهم ، وتبركاً بالانخراط في سلك العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ، ولاتصال مروياته من الأخبار بالنبي الطاهر وأهل بيته الأطياب صلوات الله عليهم أجمعين ، وصيانتها عن القطع والارسال ، منح من المشايخ الأجلة وأئمة الحديث الاذن في رواية ما اثر عن المعصومين صلوات الله عليهم ، ولكل من هؤلاء المشايخ والمحدثين طرقه المتعددة في رواية الحديث من فطاحل المحدثين وجهابذة الراوين إلى النبي الأعظم (ص) وأهل بيته (ع) .
وقد حررت هذه الوثائق التأريخية منمقة بخطوط مصدريها وموشحة بتواقيعهم ، وهم :
1- آية الله المرحوم السيد أبو الحسن الموسوي الاصفهاني .
2- آية الله المرحوم السيد الميزا علي الحسيني الشيرازي .
3- آية الله المرحوم الشيخ علي أصغر ملكي التبريزي .
4- آية الله المرحوم السيد آغا حسين القمي .
5- الحجة المرحوم الشيخ علي بن إبراهيم القمي .
6- الشيخ محمد علي الغروي الأوردوبادي .
7- الحجة المرحوم الشيخ محمد محسن (آغابزرك) الطهراني .
8- الحجة المرحوم الشيخ الميرزا يحيى بن أسد الله الخوئي .
في الحلقة الثانية من حياة الشيخ الاميني (رضوان الله عليه) سوف نتطرق الى زهده وعبادته ونوادر من حياته.
شاهد ايضا: 28 ربيع الثاني ... ذكرى رحيل العلامة الأميني (ره) مؤلف موسوعة الغدير