1- وإذا شئت أن ترقد فينبغي لك أن تتأهّب لموافاة المنون، وأن تكون على طهر وأن تتوب من الذنوب، وتفرغ قلبك من هموم الدنيا، وتتذكّر أجلك والضجعة في اللحد وحدك من دون أنيس يؤانسك، وأن تضع وصيّتك تحت وسادتك، وأن تعزم على القيام لصلاة الليل فإنّ فخر المؤمن وزينته في الدنيا والاخرة هي الصلاة في آخر الليل وتقرأ عند النوم سورة الإخلاص (ثلاث مرّات فتكون كمن ختم القرآن كلّه)، وسورة ألهاكم التكاثر وآية الكرسي والمعوذتين.
2- ثمّ تقول ثلاثا: "الحَمْدُ لله الَّذِي عَلا فَقَهَرْ وَالحَمْدُ لله الَّذِي بَطَنَ فَخَبَرَ وَالحَمْدُ لله الَّذِي مَلَكَ فَقَدَرَ وَالحَمْدُ لله الَّذِي يُحْيي المَوتى وَيُميتُ الاحْياءَ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَدير".
3- ثمّ تسبّح تسبيح الزهراء سلام الله عليها، وتنام على يمينك على هيئة الميّت في اللحد.
4- وإذا شئت أن تنتبه من نومك لصلاة الليل أو غيرها وخشيت غلبة النوم عليك فاقرأ آخر آيتين من سورة الكهف وهما: ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا* قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾1.
ثمّ يقول بعد فراغه من قراءتهما: "اللهمّ أيقظني لعبادتك في وقت (كذا وكذا)" فإنّه يستيقظ إن شاء الله تعالى2.
وإذا خفت العقرب أو غيره من الهوامّ فاقرأ هذا الدعاء الذي ضمن الباقر عليه السلام لمن دعا به السلامة من العقرب والهوامّ إلى الصباح: "أعوذُ بِكَلِماتِ الله التّامّاتِ الَّتي لايُجاوِزُهُنَّ بَرُّ وَلا فاجِرٌ مِنْ شَرِّ ما ذَرَأَ وَمِنْ شَرِّ ما بَرَأَ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دابَّةٍ هوَ آخِذٌ بِناصيَتِها إنَّ رَبّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ".
5- وإذا خشيت أن تحتلم فادع بهذا الدعاء: "اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بِكَ مِنَ الاحْتِلامِ وَمِنْ سوءِ الأحْلامِ وَمِنْ أنْ يَتَلاعَبَ بِيَ الشَيْطانُ في اليَقْظَةِ وَالمَنامِ".
6- وإذا كنت تخشى انهيار الدار أو المكان الذي تنام فيه فاقرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾3.
7- وإذا كنت ترهب اللصّ فاقرأ آخر آية من سورة بني إسرائيل وأوّلها: ﴿قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ﴾ 4، وتكحّل عند النوم بسبعة أميال أربعة منها في العين اليمنى وثلاثة في اليسرى
وقل عند الاكتحال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ أنْ تُصَلّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأنْ تَجْعَلَ النّورَ في بَصَري وَالبَصيرَةَ في ديني وَاليَقينَ في قَلْبي وَالإخْلاصَ في عَمَلي وَالسَّلامَةَ في نَفْسي والسَّعَةَ في رِزْقي وَالشُكْرَ لَكَ أبَداً ما أبْقَيْتَني إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ"5.
8- لا تحدّث بما رأيته في المنام كلّ أحد إِلاّ من كان عالماً ناصحاً رَؤُوفاً.
في الانتباه من النوم وصلاة الليل
إعلم أنّ الروايات المأثورة عن المعصومين عليهم السلام في فضل قيام الليل كثيرة، وروي أنّ صلاة الليل ذلك شرف المؤمن، وأنّها تورث صحة البدن، وهي كفارة لذنوب النهار ومبعدة لوحشة القبر، وأنّها تبيّض الوجه وتطيّب الريح وتجلب الرزق، وأنّ المال والبنين زينة الحياة الدنيا، وثماني ركعات من آخر الليل، والوتر زينة الآخرة. وقد يجمعهما الله لأقوام، وأنّه كذب من زعم أنّه يصلّي صلاة الليل وهو يجوع.
فعن الصادق عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه واله في وصيّته لعليّ عليهما وآلهما السلام: "يا عليّ أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عنّي". ثمّ قال: "اللّهمّ أعنه".
ثمّ ذكر عدّة خصال إلى أن قال: "وعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الزوال وعليك بصلاة الزوال"6.
والظاهر أنّ المراد بصلاة الليل هو الإحدى عشرة ركعة وبصلاة الزوال الثماني ركعات نافلة الظهر وتصلّى قبل صلاة الظهر.
وروي أنّه سئل الإمام زين العابدين عليه السلام ما بال المتهجّدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال: "لأنّهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره"7. وبالإجمال فالرويات في ذلك جمّة، ويكره ترك القيام في الليل.
وعن الصادق عليه السلام قال: "ما من عبد إِلاّ وهو يتيقّظ مرّة أو مرّتين في الليل أو مراراً فإن قام وإِلاّ فحج8الشيطان فبال في أذنه، ألا يرى أحدكم إذا كان منه ذاك قام ثقيلاً وكسلانَ"9.
وروى البرقيّ بسند معتبر عن الباقر عليه السلام قال: "إنّ للّيل شيطاناً يقال له (الزهاء) فإذا استيقظ العبد وأراد القيام إلى الصلاة قال له: ليست ساعتك ثمّ يستيقظ مرّة أخرى فيقول: لم يئن لك، فما يزال كذلك يزيله ويحبسه حتّى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر بال في أذنه"10.
وروي أنّ عيسى عليه السلام نادى أمّه بعد موتها فقال كلّميني يا أمّي هل تريدين العود إلى الدنيا فأجابت بلى لكي أقوم لله في ليل شديد البرودة وأصوم في يوم شديد الحرّ. فإنّ هذا الطريق مخيف11.
وقد روي أنّ الإمام الصادق قال لسليمان الديلمي: "يا سليمان لا تدع قيام الليل فإنّ المغبون من حُرم قيام الليل"12.
*سلوكيات المجاهد، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- الكهف: 109- 110.
2- راجع: المقنعة، الشيخ المفيد، ص 144.
3- فاطر: 41.
4- الإسراء: 110.
5- راجع للاستزادة، مفاتيح الجنان، - الباقيات الصالحات - الشيخ عباس القمّي، آداب النوم.
6- راجع: الكافي، الكليني، ج8، ص 79.
7- علل الشرائع، الصدوق، ج2، ص 366.
8- أي جاءه جيئة سيّئة وتلاعب به.
9- المحاسن، البرقي، ج1، ص 86.
10- م. ن.
11- علل الشرائع، الصدوق، ج2، ص 363.
12- راجع: مستدرك الوسائل، النوري٫ ج6، ص 338