«على المسلمين أن يجابهوا أيّ عامل من العوامل الناقضة والمضادة للوحدة؛ هذا واجب كبير علينا جميعاً؛ الشيعة يجب أن يقبلوا هذا، والسنة أيضاً يجب أن يقبلوه، وكذلك الفرق والشعب المتنوعة داخل الشيعة وأهل السنة يجب أن تتقبّل هذا الشيء» الإمام الخامنئي بتاريخ 19/01/2014.
أجاب الشيخ فلاح زاده - عضو مکتب استفتاءات سماحة آیة الله العظمى السید الخامنئي و رئیس مرکز علم مواضیع الأحکام الفقهیة - عن الأسئلة الأکثر تکرراً طبقاً لفتاوى سماحة آیة الله العظمى السید الخامنئي.
فيما یلي ترجمة نص إجابات الشيخ فلاح زاده:
1 - ما هو معنى التبرّي؟
- التولي والتبرّي الذان يعدان أحياناً ضمن أصول الدين، ويعتبران في أحيان أخرى من فروع الدين، وكلا الرأيين صحيح، لهما جانب عقيدي وجانب عملي.
من الناحية العقيدة هو أن نعتقد بولاية الأولياء الإلهيين ورسل الله والأئمة الأطهار، وأن نحبّهم ونحبّ أتباعهم وموالیهم. وهناك جانب عملي يتمثل في إطاعتهم. والتبرّي هو الحالة المعاكسة للتولي، بمعنى معاداة أعداء الله وأعداء أولياء الله. وعلى المكلفين أن يؤمنوا بهذين الأصلين من الناحية العقيدية ويتمسكوا بهما من الناحية العملية. وليس هناك لزوم بالنسبة للشخص الذي يريد التبرّي بأن يرفق تبرّيه هذا باللعن والشتائم وسوء القول. كان هناك الكثير من المسلمين منذ صدر الإسلام وإلى العصر الحاضر، ونموذجهم سماحة الإمام الخميني (رض) وسماحة قائد الثورة الإسلامية نفسه، هؤلاء كانوا طبعاً من أهل التولي والتبرّي بحق، لكنهم ليسوا من أهل السباب واللعن. إذن، بوسع الإنسان أن يكون صاحب تبرّي، من دون أن يوجّه الإهانات والسباب واللعن لمقدسات الآخرين. سماحة السيد القائد لا يعتبر توجيه الإهانات لمقدسات الآخرين جائزاً، بل يعتبره حراماً.
2 - هل یتنافى حکم الوحدة مع التبرّي؟ إذا لم یکن الشخص من مقلدي الإمام الخامنئي فهل یجب علیه اتباع أوامر سماحته بعدم اللعن؟
- من المؤکد أن وحدة المسلمین لا تتنافى مع التبرّي. أي إن الأفراد بوسعهم معاداة أعداء الله وأعداء أولیاء الله، ومجابهة الذین یحاربون المسلمین، ویکونوا في الوقت نفسه متحدین مع غیرهم من المسلمین. إذن وحدة المسلمین لا تتنافى إطلاقاً مع التبري من أعداء الله وأعداء أولیاء الله. کمثال کان الإمام الخمیني (رضوان الله تعالى علیه) ولائیاً ومتبرئاً من أعداء الله وأعداء أولیاء الله، ولا یوجّه في الوقت نفسه الإهانات واللعن لمقدسات سائر المسلمین والأشخاص الذین یحترمونهم. کان هناك الکثیر من الأعاظم والأجلاء یدعون الناس إلى الوحدة ویتبرأون في الوقت ذاته من أعداء الله. الوحدة بین المسلمین وتجنب التفرقة حالة واجبة. وإیجاد التفرقة والخلافات بین المسلمین لصالح الأعداء ولصالح الاستکبار العالمي والصهیونیة الدولیة أمر محرم. أما أنهم یجب أن یراعوا هذه الوحدة حتى لو لم یکونوا من مقلدي سماحة القائد، فنعم یجب على الآخرین أیضاً اتباع هذه الأوامر. حسب فتاوى کل مراجع التقلید الأجلاء الأعمال غیر الواجبة علینا، حتى لو کانت مستحبة، إذا کان أداؤها یؤدي إلى استغلالها من قبل الأعداء ضد مذهب أهل البیت (ع) وتؤدي إلى توجیه الإهانات لأتباع مذهب أهل البیت (ع) أو تؤدي إلى الخلاف بین المسلمین، فهي غیر جائزة، ولا فرق في ذلك بین أن یکون الإنسان من مقلدي سماحة السید القائد أو من مقلدي سائر المراجع، یجب علیهم مراعاة ذلك.
3 - تفضلوا بذكر رأي سماحة السيد القائد في ما يتعلق بمراسم اللعن التي تقام في أيام خاصة في بعض المناطق؟
- قال سماحة السيد القائد مراراً لا توجهوا الإهانات لمقدسات سائر المذاهب، إذن يجب اجتناب هذه الممارسات. والنقطة الجديرة بالملاحظة هي أن البعض يقولون: لا إشکال في أن نعلن في المجالس الخاصة، لكن سماحته لم يقيّد الأمر بأن يكون المجلس عاماً أو خاصاً، بل قال على نحو العموم: لا توجّهوا الإهانات لمقدسات سائر المسلمين، أي سائر الفرق الإسلامية. قال سماحته في موضع من المواضع: «ذلك الشيعي الذي تدفعه جهالته وغفلته، أو المغرض أحياناً - ولدينا مثل هذه الحالات أيضاً ونعرف أفراداً من الشيعة مشكلتهم ليست مجرد الجهل، بل لديهم أوامر بزرع الخلافات - لتوجيه الإهانات لمقدسات أهل السنة، أقول: إن سلوك كلا الفريقين حرام شرعاً وبخلاف القانون». إذن، توجيه الإهانات لمقدسات سائر المذاهب الإسلامية حرام شرعاً في رأي سماحة السيد القائد.
4 - هل حرمة عدم احترام معتقدات المذاهب تشمل غير أهل السنة أيضاً؟
- توجد على كل حال مذاهب تعيش عيشة مسالمة، وهم عادة لا يوجّهون الإهانات لمقدساتنا، وتوجيه الإهانات لهم إذا أدّى إلى التفرقة وإثارة الفتن في المجتمع فهو حرام قطعاً.
5 - ما هو تكليفنا في التعامل مع الشيعة الذين يصرون على بث التفرقة بين المسلمين؟ هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب في خصوصهم؟
- رأي سماحة السيد القائد هو أن التفرقة بين المسلمين عمل محرم، وتوجيه الإهانات لمقدسات سائر المسلمين أيضاً حرام، والفعل الحرام منكر، والنهي عن المنكر واجب، ولكن بتوفر الظروف ومراعاة المراتب.
6 - في ضوء أن البعض يبثون التفرقة بدعوى النقاش العلمي، هل يجب أساساً النقاش علمياً حول القضايا الخلافية؟ ما هي فوائد هذا النقاش العلمي وكيف يجب أن يكون؟ ومن الذين يجب أن يقوموا به؟
- أما أن يكون هناك نقاش علمي فهذا من آراء سماحة السيد القائد، وهو يوافقه.
الأمور التي توجد حولها اختلافات علمية في وجهات النظر بين فرق المسلمين، وبين الشيعة والسنة، فليجتمعوا في اجتماعات علمية بشكل محترم وينقدوا آراء بعضهم، ولكن بشكل علمي وفي المحافل العلمية وبين أهل الفن والاختصاص، وأسلوب ذلك هو الجدل بالتي هي أحسن على حد تعبير القرآن الکریم. مثل هذا النقاش العلمي الذي لا يؤدي إلى الخلافات والنزاعات والتفرقة والفتن بين المسلمين لا إشكال فيه. الشيء الذي فيه إشكال وهو حرام إيجاد التفرقة بين المسلمين وبين المجتمعات الإسلامية.
قال سماحة السيد القائد حول النقاش العلمي: «إذا أرادوا أن يناقشوا نقاشاً مذهبياً فلا إشكال في ذلك إطلاقاً. إنني أوافق النقاش المذهبي. إذا أرادوا إقامة نقاش علمي مذهبي بين العلماء وأصحاب الخبرة والاختصاص فليجتمعوا وليقوموا بذلك، ولكن لا على مرأى الناس، بل ليتناقشوا علمياً في جلسات علمية». على كل حال هذه نقاشات علمية وتخصصية وينبغي أن تتم في أوساط خاصة علمية حتى لا تؤدي إلى التفرقة.
7 - عموماً ما هو رأي سماحة قائد الثورة الإسلامية حول علاقات الصداقة والتواصل والتزاور مع أتباع الأديان الأخرى؟ وماذا لو كانوا من الأقرباء؟
- الحفاظ على عقائد الحق أمر واجب، والتزاور والتواصل مع الآخرين إذا لم يكن فيه ضرر على عقائد الإنسان وأخلاقه، ولا يعرّض الإنسان للتهم، فلا إشكال فيه. أي على نحو العموم إذا لم تكن فيه مفسدة فلا مانع منه. أحياناً قد يكون للتواصل والتزاور أثر إيجابي، أي فيه طابع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أضف إلى ذلك أن هؤلاء إذا كانوا من الأقارب النسبيين، فمن باب أن قطع الرحم حرام سوف لا يكون قطع الارتباط التام بهم جائزاً، إنما يجب الارتباط بهم مع المحافظة على النقاط التي أشرنا لها.
8 - أتباع أيّ الأديان والمذاهب أنجاس؟ بخصوص أتباع الأديان والمذاهب من غير أهل الكتاب، والذين هم أنجاس في رأي سماحة قائد الثورة الإسلامية، هل نتنجّس بمجرد مصافحتهم، أم يجب أن تكون أيدينا مببلة حتى نتنجّس؟
- طبقاً لرأي سماحة السيد القائد فإن فرق المسلمين وسائر المذاهب من أهل الكتاب، أي المسيحيين واليهود والزرادشتيين والصابئة، كلهم أطهار. وأتباع سائر الأديان، مجرد أن نمسّهم بيد يابسة أو حتى مرطوبة من دون أن تسري رطوبتها، أي إذا كان الإنسان يشك في أن الرطوبة انتقلت من بدنهم أو من بدننا، أي يشك في انتقال الرطوبة، فهم محكومون بالطهارة أيضاً. ليس الأمر بحيث لو صافحتم غير المسلمين من غیر أهل الکتاب ستتنجّس أيديكم، إنما في حالة إذا كان أحد الطرفين أو كلاهما مرطوباً و الرطوبة سارية.