وجاء هذا الكلام على لسان المقداد في تصريحات لصحيفة "الوطن" نشرتها الخارجية السورية اليوم الأحد، ردا على سؤال عما أفضى إليه الاجتماع الأخير بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وخصوصا هل هناك معلومات لدى دمشق تفيد بقرب سحب أنقرة قواتها من محافظة إدلب وطريق "إم 4" الدولي، وفقا للاتفاقات المبرمة مع موسكو.
وقال الوزير: "لا أذيع سرا عندما أقول بأن الزيارة الأخيرة التي قام بها سيادة الرئيس بشار الأسد إلى الاتحاد الروسي كانت من أفضل الزيارات، ونحن لا نختلف إطلاقا مع حلفائنا في الاتحاد الروسي على الأولويات التي يجب أن نطلع بها كلانا في مواجهة الإرهاب، وفي مواجهة ما يخالف ميثاق الأمم المتحدة ويعرقل سيطرة الدول على ترابها الوطني".
وشدد على أن الدعم الروسي لسوريا غير محدود في هذا المجال، قائلا: "هذا الإرهاب الذي يضرب في سوريا وفي مناطق أخرى من العالم قد يضرب الأتراك وقد يضرب دولا أخرى، ويجب مقاومته، وانطلاقا من هذه المبادئ، نعتقد أنه آن الأوان لتركيا بأنه يجب أن تنسحب من الشمال الغربي لسوريا وأن تتيح المجال لحل يضمن علاقات طبيعية بين سوريا وتركيا بعد زوال هذا الاحتلال الذي يعيق أي تقدم في أي مجال من التعاون".
ودعا المقداد القيادة التركية إلى الوعي "قبل أن يتأخر الوقت ويفوت والوقت ليس في مصلحتها وأن سوريا ستبذل الغالي والرخيص من أجل تحرير أرضها سواء كان بطرق سليمة أم بطرق يعرفها المجتمع الدولي بشكل جيد".
وتابع: "أعتقد أن الشعب التركي يعي جيدا أن مصالحه التاريخية مع سوريا هي أغلى وأرفع من تحالفات يقوم أردوغان بعقدها مع تنظيمات إرهابية مسلحة لغايات أيديولوجية عفى الزمن عليها، ويجب أن تنهى".
وأشار المقداد إلى أن بعض أنحاء سوريا شهدت "دمارا لا يمكن تصور مستوى أهواله"، مضيفا أن أغلب هذا الدمار تم "بأموال عربية وبدعم في بعض الأحيان من دوائر عربية".
في الوقت نفسه، أعرب وزير الخارجية السوري عن تطلع دمشق إلى "وضع الماضي خلفها"، قائلا: "أنا كدبلوماسي أقول بأن الماضي يجب ألا يخنقنا وألا يلهينا عن النظر إلى الحاضر والمستقبل".
وحذر الوزير من أنه لا يمكن لدول المنطقة إحراز تقدم إلا إذا كان هنالك وعي كامل بأن ما يضر سوريا يضر كل الدول الأخرى، متسائلا: "هل نريد أن يستمر الخراب في منطقتنا وأنا لا أتحدث عن سوريا لأن سوريا صمدت، هل نريد أن يستمر هذا التدمير الممنهج لإمكانياتنا؟".
ورجح الوزير أن بعض الدول العربية لا يشاركون دمشق موقفها هذا ولم تتغير مواقفها، مفسرا ذلك بارتباط هذه الدول بقوى أخرى خارج المنطقة.
ورفض المقداد التعليق على واقع العلاقات بين سوريا والسعودية، موضحا: "نسعى الآن لأن تكون العلاقات العربية-العربية علاقات طيبة لمصلحة البلدان العربية، وألا تقوم على تنازع عربي-عربي، وإنما على تنازع مع من يحاول إيذاء المصالح العربية سواء في السعودية أم الأردن أو مصر أو الجزائر أو موريتانيا أو السودان".
وشدد الوزير على أن عدو سوريا الأساسي ليس الدول العربية بل إنه الكيان الاسرائيلي.
ولفت المقداد إلى أن التغير في المواقف العربية تجاه سوريا بدأ منذ زمان ومرتبط بالتطورات الدولية التي "أقتنعت المزيد من الأشقاء العربي بأن التضامن العربي قد يساعد بعضهم في تجاوز الظروف الصعبة التي مروا ويمرون بها".
وردا على سؤال عن إمكانية أن يزور عواصم عربية مثل عمّان والقاهرة أو إمكانية زيارات عربية إلى دمشق، قال المقداد إن الحوار العربي-العربي لم ينقطع، لكن كانت هناك عقبات كبيرة تحول دون إحراز نتائجه المطلوبة، مبديا أمله في أن الوضع كان قد تغير، خاصة في ظل لقاءاته الأخيرة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال: "أنا متفائل بأن نبدأ حوارات أكثر عمقا وأكثر فائدة لجميع شعوبنا، وهنالك إدراك أكثر من جميع الأطراف بأن الأوضاع الحالية لا تفيد أحدا، وبأن المخططات الغربية تهددنا جميعا، و لا تريد الخير لنا".
وأبدى المقداد قناعته بأن جامعة الدول العربية منذ إقصاء سوريا عن مقعدها فيها تعمل بلا "قلب العروبة النابض"، لافتا إلى أن لقاءاته الأخيرة شملت تسعة وزراء خارجية عربا وكلهم أكدوا أنهم "يشعرون بأن غياب سوريا عن الجامعة العربية أضر بالعمل العربي المشترك وأن سورية يجب أن تكون ضمن الجسم العربي اليوم قبل الغد والغد قبل بعد غد وبعد غد قبل اليوم الذي يليه".
وأشار المقداد، في معرض تعليقه على أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن "الأجواء الدولية كانت في هذه المرة بصراحة أقل عدائية"، موضحا أن زعماء الكثير من الدول، منهم بلدان أوروبية والولايات المتحدة امتنعوا عن التطرق إلى الملف السوري إطلاقا في خطاباتهم.
وتابع: "حقيقة كنا نشعر في قراءتنا بين السطور لمعظم البيانات التي ألقيت بأن العالم يتفهم أن الأزمة التي فرضت على سوريا هي أزمة مفتعلة وهدفها تخريب الدولة السورية، ودعم الإرهاب ودعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة وهذا بدأ يتراجع بشكل ملحوظ".