لوعة الزهراء (ع) وشجونها على فقد رسول الله (ص)

الأربعاء 6 أكتوبر 2021 - 05:04 بتوقيت غرينتش
لوعة الزهراء (ع) وشجونها على فقد رسول الله (ص)

أهل البيت-الكوثر: سلبت مصيبة وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) عن ابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليها السلام) كل قرار واستقرار، وكل هدوء وسكون، وهي أعلم وأعرف بعظمة نبي الإسلام (ص). فالزهراء (ع) تعرف عِظم المصاب، ومدى تأثير الواقعة في الموجودات كلها.

وأعظم المآسي التي طاقت بالإمام علي (عليه السلام) هو ما حلّ بابنة الرسول (ص) وبضعته من الآلام القاسية التي احتلّت قلبها الرقيق المعذّب على فقد أبيها الذي كان عندها أعزّ من الحياة ، فكانت تزور قبره الطاهر وتأخذ حفنة من ترابه وتطيل من شمّه وتبكي وتقول :

قُل للمغيّب تحتَ أَطباقِ الثّرى *** إِن كنتَ تسمعُ صَرخَتي وَنِدائِيا

صبّت عَليّ مَصائبٌ لو أنّها *** صُبّت عَلى الأيّام صِرنَ لياليا

قَد كنتُ ذاتَ حِمى بظلٍّ محمّدٍ *** لا أَخشَ مِن ضيمٍ وكان جماليا

فَاليومَ أَخشعُ لِلذليلِ وأَتّقي *** ضَيمي وَأَدفع ظالِمي بِرِدائيا

فَإِذا بَكَت قمريّة في ليلها *** شَجناً عَلى غصنٍ بكيتُ صباحِيا

فَلأجعلنّ الحزنَ بَعدكَ مُؤنسي *** وَلأجعلنّ الدمعَ فيك وِشاحيا

ماذا عَلى مَن شمّ تُربة أحمدٍ *** أَن لا يشمّ مَدى الزمان غَواليا

      وصوّرت هذه الأبيات مدى حزن الزهراء (ع) ولوعتها على فقد أبيها الذي أخلصت له في الحبّ كأعظم ما يكون الإخلاص، كما أخلص لها، وإنّ مصابها القاسي عليها لو صبّ على الأيام لخفت ضياؤها وعادت قاتمة مظلمة.

وصوّرت هذه الأبيات الحزينة مدى منعتها وعزّتها أيّام أبيها، وبعد فقدها له صارت بأقصى مكان من الهوان، فقد تنكّر لها القوم، وأجمعوا على هضمها، والغضّ من شأنها حتّى صارت تخضع للذليل وتتّقي من ظلمه بردائها.

وخلدت وديعة الرسول (ص) إلى البكاء والأسى حتّى عدّت من البكائين الخمسة الذين مثلوا الحزن على امتداد التاريخ.

وبلغ من عظيم وجدها على أبيها أنّ "أنس بن مالك" استأذن عليها ليعزّيها بمصابها الأليم، وكان ممّن وسّد رسول الله (ص) في مثواه الأخير، فقالت له :

) أنس بن مالك هذا ؟ (

نعم ، يا بنت رسول الله ..

فقالت له بلوعة وبكاء :(كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التّراب على رسول الله)، وقطع أنس كلامه، وهو يذرف أحرّ الدموع، وقد هام في تيارات من الأسى والشجون.

وبلغ من عظيم وجد زهراء الرسول أنّها ألحّت على الإمام أمير المؤمنين (ع) أن يريها القميص الذي غسّل فيه أباها، فجاء به إليها، فأخذته بلهفة وهي توسعه تقبيلاً وشمّاً؛ لأنّها وجدت فيه رائحة أبيها الذي غاب في مثواه.

وروي أنها قالت عليها السلام في مراثيها لأبيها النبي الأكرم (ص):

إذا مات يوماً ميت قل ذكره *** وذكر أبي مذ مات والله أزيد

 ثم قالت سلام الله عليها:

اذا إشتد شوقي زرت قبرك بالبكاء *** أنوف وأشكر كي أراك مجاوبي

فياساكن الغبراء علمتني البكاء *** وفقدك أنساني جميع المصائب

فإن كنت عني في التراب مغيباً *** فما كنت عن قلبي الحزين مغيب

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهرة (سلام الله عليها) جاءت الى سارية في المسجد النبوي وتوجهت الى القبر الشريف وخاطبت صاحبه (ص) قائلة:

قد كان بعدك أنباء وهمبثة *** لو كنت شاهدها لم تكسر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** وإختل قومك فإشهدهم ولاتخب

إقرأ أيضا: وفاة النبي محمد (ص) في رواية ابن عباس (رض)