نعيش أجواء رحيل خليفة الله الأعظم وسيد المخلوقين وأكرمهم علواً ومقاماً عن عالم الدنيا سيدنا ومولانا رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)، وهناك آية قلما تطرق لها العلماء، وقلة من المفسرين أبان بعض حقائقها، والأكثر تعاموا عنها، وأوردوا ما يُشكل عليهم، إنها (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) (سورة آل عمران المباركة: آية ١٤٤)
خطاب الآية فيه تعميم يشمل الجميع، باستثناء الشاكرين. ومن قيل أنهم أرتدوا بعد الرسول (ص) فهم قلة، فلا يمكن أن يكونوا هم المقصودين. والمسلمون جلهم لم يرتدوا ظاهراً، فلماذا جاء الخطاب صارخاً هكذا؟!.
قضايا تحتاج الى توضيح وتفهم لمن أراد الحق.
حقائق هذه الآية خطيرة ودامغة، بل هي تنسف واقع بيعة السقيفة (سقيفة بني ساعدة) وما جرى على أثرها. والله تعالى الحق لا يجامل أحداً وقوله الحق، بل لا يزال آثار الإنقلاب على الأعقاب ساري المفعول الا عند الشاكرين.
لو بقي الإسلام بعد الرسول موقع التطبيق كلياً لأسقى الله المسلمين ((ماءً غدقاً)) ولفتح ((عليهم بركات من السماء والأرض))، ولكانوا أقوى وأعز الأمم، ولكنهم خالفوا الله والرسول جهاراً، فكانت الفتن والحروب حتى حكمهم بعد ٤٠ سنة من الهجرة من حاربوا الدين، وجاء الطليق وابن الطلقاء "معاوية بن ابي سفيان" بالقهر والقوة، واستمر حكام الضلال والظلم حتى بات المسلمون في ظلمات الذل والتخلف والجهل والتمزق التي جاء الإسلام لإنتشالهم منها، هذه تركات الإنقلاب على الأعقاب وعصيان الله ورسوله.
لن ينتبه أكثر المسلمين لحقائق هذا الإنقلاب ما داموا تعاموا عن حقيقة (يوم الغدير) و(عشرات الأحاديث في تنصيب الإمام علي (ع) خليفة للمسلمين بعد الرسول (ص)) و (رزية الخميس) وما أدراك ما هذه الرزية بل النكبة والطامة العظمى!!
سيظهر الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، وستتضح على لسانه وفعله حقائق هذا الإنقلاب الخطير، ويومها يُعرف (الشاكرين) في هذه الآية، ولكن كم هو مؤلم أن يعيش أكثر المسلمين قروناً وقد تطول في واقع الإنقلاب على الأعقاب، لأنهم تعاموا وتغابوا بإصرار عن حقائق الدين والعقل ومرارات الواقع وصدمات التاريخ !!!.
(بَلۡ جَاۤءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَـٰرِهُونَ) (سورة المؤمنون المباركة، آية 70)
إقرأ أيضا: تأملات قرآنية ح7 (إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَٰنُ وُدًّا)