وفي هذه المناسبة الأليمة نقدم لكم قصيدة للسيد رضا الهندي (1) في رثاء الإمام الحسن عليه السلام.
يــا دمــع ســحَّ بـوبـلك الهـتـنِ **** لتــحـول بـيـن الجـفـن والوَسَـنِ
كـيـف العـزاء وليـس وجـدي مـن **** فــقـد الأنـيـس ووحـشـة الدمـن
بــل هــذه قــوس الزمــان غــدا **** مـنـهـا الفـؤاد رَمِـيَّةـَ المـحـن
واســتــوطــنــت قـلبـي نـوائبـه **** حـتـى طـفـقـت أهـيـم فـي وطـنـي
وأذلت دمــعــاً كــنــت أحــبـسـه **** وأصـــون لؤلؤه عـــن الثـــمـــن
مـا الصـبـر سـهـلاً لي فـأركبه **** فــدع الفــراد يــذوب بـالحـزن
مـا للزمـان إذا اسـتـلنت قسا **** ورُمــيــتُ مــنــه بــجـانـب خـشـنِ
أَوَكـــان ذنـــبــي أن ألنــت له **** جــنـبـي ولولا الحـلم لم يـلن
أم دهــرنـا كـبـنـيـه عـادتـهـم **** يــجـزون بـالسـوأى عـن الحـسـن
أم كـل مـن تـنـمـيـه هـاشـم لا **** يــنــفــك فــي حــرب مـع الزمـن
أوَمــا نــظـرت عـلى صـفـيِّ بـنـي **** مــضــر الكـرام وخـيـر مـؤتـمـن
شــبــل الوصــيِّ وفــرخ فــاطـمـة **** وابـن النـبـيّ وسـبـطـه الحـسـن
كـم نـال بـعـد أبـيـه مـن غـصص **** يـطـوي الضـلوع بـهـا عـلى شجن
حُـشـدت لنـصـرتـه الجـنـود وهـم **** بـيـن البـغـاة وطـالبـي الفتن
ومـــحـــكـــم ومُـــؤَمِّلــ طــمــعــاً **** ومـــشـــكـــك بـــالحــق لم يــدن
حـتـى إذا امـتـحن الجموع لكي **** يــمــتــار صــفـوهـمُ مـن الأَجِـنِ
نـقـضـوا مـواثـقـهـم سـوى نـفـرٍ **** نـصـحـوا له فـي السـرِّ والعـلنِ
وبــمـا عـليـه ضـلوعـهـم طـويـت **** مــن لاعــج للحــقــد مــكــتـمـن
نسبوا إليه الشرك وهو من ال **** إيــمــان مــثــل الروح للبــدن
جــذبــوا مــصــلاَّه فــداه أبــي **** مــن كــاظــم للغــيــظ مُـمـتَـحـن
قــســمــاً بــســؤدده ومــحــتــده **** وبـحـلمـه المـوفـي عـلى القنن
لو شــاء أفــنــاهــم بــمـقـدرة **** لو لم تـكـن في الكون لم يكن
لهـــفـــي له مــن واجــدٍ كَــمــدٍ **** مـسـتـضـعـفٍ فـي الأرض مـمـتـهـن
مــا أبــصـرت عـيـن ولا سـمـعـت **** أذن بــمــن سـاواه فـي المـحـن
يــرعــى عــداه بـعـيـنـه ويـعـي **** شــتــم الوصــي أبــيـه فـي أذن
ويــرى أذلَّ النــاس شــيــعــتــه **** وأعــــزّهـــم عـــبَّاـــدة الوثـــن
وقـد ارتـدى بـالصـبـر مـشتملاً **** بـالحـلم مـحـتـفـظاً على السنن
حـتـى سـقـوه السـم فـاقـتـطعوا **** مــن دَوحِ أحــمــد ايَّمــا غــصــن
ســمّــاً يــقــطِّعــُ قــلب فــاطـمـة **** وجـداً عـلى قـلب ابـنها الحسن
وهــوى شــهـيـداً صـابـراً فـهـوت **** حــزنــاً عــليـه كـواكـب الدجـن
وتــجــهــزت بــالجــنــد طـائفـة **** مــقــتــادة للبــغــي فــي شـطـن
يـــا للورى لصـــدور طـــائفـــة **** شُـحِـنَـت مـن الشـحـنـاء والإِحـن
أقصت حشا الزهراء عن حرم ال **** هــادي وأدنــت مــنــه كـل دنـي
أفــســبــع أثـمـان تـضـيـق وقـد **** وسـع العـدى تـسـعـان مـن ثُـمُـن
الله مــن صــبــر الحـسـيـن بـه **** حـاطـت ذوو الأحـقـاد والضـغـن
تــركــوا جـنـازة صـنـوه غـرضـاً **** للنُـبـلِ يـثـبـت مـنه في الكفن
ويـــصـــده عـــنـــهــم وصــيــتــه **** حــاشــاه مـن فـشـل فـي الكـفـن
فـمـضـى بـه نـحـو البـقـيع الى **** خــيـر البـقـاع بـأشـرف المـدن
واراهُ والأرزاء مــــــوريــــــة **** بــحــشــاه زنــد الهَـمِّ والحـزن
ودعــا وأدمــعــه قــد انـحـدرت **** مــن أعــيــن نـابـت عـن المـزن
أيــطــيــب بـعـدك مـجـلس لي أم **** عـيـشـي الهـنـيُّ وقـد فقدت هني
أفــديــك مــن ثــاوٍ بــحــفـرتـه **** مــســتــودع فـي الأرض مـرتـهـنِ
______________________
(1) السيد رضا الموسوي الهندي (1290 - 1362 هـ)، فقيهٌ وأديبٌ وأحد علماء الشيعة الإمامية. له القصيدة الكوثرية المعروفة في مدح الإمام أمير المؤمنين ، كما له تصانيف عدّة، غلب طابعه الأدبي على علمه وفقهه.
إقرأ أيضا: في ذكرى شهادة الإمام الحسن المجتبى (ع).. الصلح مع معاوية وآثاره