الدولة الاسلامية..... مباديء و خصائص ... أنظمة الحكم في القران الكريم
اولا..في الحلقة السابقة بينا مواصفات الملكية الفردية المطلقة او ما يطلق عليها في مصطلحنا السياسي المعاصر الدكتاتورية ، وقد ذكرنا نقاطا كثيرة حولها وبالدليل القراني.
ثانيا...القرآن الكريم يتطرق إلى ألوان الحكم خاصة بالنسبة للملوك الذين حكموا حضارات كبيرة على مدى العصور الماضية ويسرد مواصفات كل مملكة وما كانت لها من خصائصها السياسية التي تميزت بها .
ثالثا... للعلم ان القران الكريم يطلق على الحاكم الأعلى في دولة معينة ذات حضارة عريقة، يطلق عليه مصطلح الملك ، نعم ويطلق على رئيس الدولة التي تعتمد الدين في نظامها بالولي او الخليفة وايضا الملك كما هو بخصوص داوود النبي (ع) وقبله طالوت حيث كان قائدا عسكريا لمجموعة أرادت التحرر والتخلص من حاكمها الذي كان يسومها سوءا وظلما ..انظر إلى الآيتين :
)أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ .. فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ (...
رابعا...كلمة فرعون قد نستخدمها اليوم سياسيا ونقصد بها الحاكم الظالم او الدكتاتور وهذا قد جاء من الفرعون حاكم مصر المعاصر للنبي موسى (ع).
خامسا...الملك الفرعوني الحاكم في مصر والذي كان معاصرا للنبي يوسف (ع) امتازت حكومته بمواصفات تختلف تماما عن مملكة فرعون المعاصر لموسى (ع) ، وحسب القران المجيد كان الملك المعاصر ليوسف (ع) كان انسانا منطقيا يقبل الحق وينصف المظلوم ، لنر الايات، والمواصفات لهذه المملكة وحسب الأدلة القرآنية...
1- الاستماع لصوت الحق و السعي لمعرفة الحقيقة (...قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) ﴿ ٥٠ ﴾
(قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ۚ ...) (51 )
2- الاستماع لمقولة المظلوم والسعي للتثبت من صحة أقواله بشكل منصف ومنطقي: فمن المعروف بشكل عام وما أشار إليه الإمام علي (ع) في المجتمعات المختلفة، ان من كان ذا مال ومنصب عال يكون بعيدا عن المساءلة او الحكم عليه وأما الفقير والمستضعف فهو المحكوم و المدعو للتساؤل بقوله (ع) (اذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)
بينما نجد هذا الملك قد قبل قول المظلوم واستدعى الظالم امام الملأ اي النسوة وحكم عليهن بعد ان اعترفن بحطاهن على الرغم مما كانت عليه او كن عليه من موقع وجيه، او كن ازواجا لوجهاء المدينة، ثم حكم بالبراءة على المظلوم اي يوسف ع ، علما بأنه لم يكن من قومه ولم يكن ذا وجاهة في حينها.
(وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) ﴿ ٥٣ ﴾
(قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) ﴿٥١﴾
3- عدم التعنت وعدم الوقوف بوجه الدعوة التوحيدية التي كان ينادي بها يوسف (ع) بل وتأييده للوقوف بوجه الكهنة وأصحاب الفكر الجاهلي الذين استغلوا بساطة الناس أسوأ استغلال (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِد الْقَهَّارُ) (يوسف 39 )
4- إعطاء الحريات العامة وفسح المجال الحر لكل الأطراف المتنافسة والحكم لصالح الحق بما يثبته من دليل وحجة والقبول بها وعدم فرض الرأي الخاص به (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف 39 ) .
5- فسح المجال لأهل الحق ولصاحب الكفاءة والخبرة لياخذ موقعه المناسب اي "وضع الرجل المناسب في المكان المناسب" ووضع الأمين على خزائن الأرض، (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ) ﴿٥٤﴾
(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ﴿٥٥﴾
6- القبول والاستماع إلى ما يقوله الكفوء والامين الذي وضع في المكان المناسب بخصوص وضع برنامج الدولة الحق ولو كانت بعيدة المدى)قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ) ﴿٤٧﴾
إذ كما هو معروف ان الدول الحضارية تخطط عادة لوضع خطط خمسية وغيرها.
7- هذه وغيرها من النقاط الإيجابية التي كانت عند الملك الفرعوني المعاصر للنبي يوسف (ع) وهي كما نرى تختلف اختلافا كليا عن مواصفات الملكية زمن فرعون موسى (ع).
سنبين ان شاء الله مواصفات أنواع الحكم الاخرى التي بينها القران المجيد.
علي العلوي / قم المقدسة
إقرأ أيضا: رؤى سياسية قرانية.. ح 17 (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ...)