ولهذا السبب، عبر هجومها الأخير بطائرات دون طيار علی جنوب السعودية وحدودها، تريد أنصار الله إرسال رسالة إلى السعودية مفادها بأن انتهاك وقف إطلاق النار في الحديدة قد يكون له عواقب وخيمة على الرياض.
بالطبع هذا تحذير للرياض، وفي حال تكرار الهجمات الصاروخية على الحديدة أو أجزاء أخرى من اليمن، فسيتم تنفيذ العملية المقبلة على نطاق أوسع.
مخاوف السعوديين من معادلة أنصار الله الجديدة بعد مأرب
مدينة مأرب على وشك التحرير، ومن المحتمل أن يتم تحرير هذه المدينة بأقل تكلفة وخسارة. وفي هذا الصدد، أعلن زعيم حرکة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين رسميًا مؤخرًا في بيان نادر، أنه سيطرد المحتلين من جميع مناطق اليمن، وأن أنصار الله تسعی إلى تشكيل يمن موحد.
وهذا يعني أنه بعد تحرير مأرب ستكون الحرب في مناطق أخرى على أجندة القوات اليمنية، وستكون مناطق سيطرة المرتزقة السعوديين والإماراتيين في الأجزاء الاستراتيجية بجنوب السعودية، هدفاً لعمليات أنصار الله.
طبعاً، معادلة أنصار الله الجديدة لا تروق للسعوديين والإماراتيين، الذين يسعون لفرض اليمن المفكك على الخريطة الاستراتيجية للمنطقة، لكن لا يبدو أنهم سينجحون.
اليد العليا في حرب اليمن لقوی المقاومة، وهو ما فرض توسيع نطاق الوساطات الدولية بما في ذلك تصريحات المسؤولين الأميركيين والوساطات التي قامت بها دولة الإمارات، لکن الأميركيين طرحوا شروطاً مسبقةً في مواقفهم لنهاية الحرب، وهذا يختلف اختلافًا جوهريًا عن مواقف أنصار الله.
شروط أنصار الله لوقف الحرب
ترى أنصار الله أن انتهاء الحرب يتطلب إنهاء العدوان على اليمن في المقام الأول، وإنهاء الحصار والعقوبات التي فرضت على اليمن في ظل أصعب ظروف السنوات الست الماضية جواً وبراً وبحراً.
لكن الأميركيين يعتقدون أن على قوات أنصار الله أولاً وقف عملية مأرب، حتى يتمكن الأميركيون من إنهاء الحصار ووقف الحرب. هذا في حين أنهم ليسوا على استعداد لتقديم أي ضمان للوفاء بالتزاماتهم.
الأميركيون ليسوا جادين في وقف الحرب في اليمن
تعتقد أنصار الله أنه من الخطأ ربط إنهاء الحصار بوقف الأعمال الحربية في عملية مأرب، وتری أنه إذا كان الأميركيون جادين في إنهاء الحرب في اليمن، فعليهم اتخاذ إجراءات عملية لإظهار حسن نيتهم.
لكن السجل الأميركي في نقض العهود جعل أنصار الله غير قادرة علی الثقة بعروضهم غير المضمونة، إضافةً إلى أن التحالف المعتدي يمكنه استئناف عدوانه في أي مرحلة وإعادة فرض حصار اليمن تحت أي ذريعة کانت.
الخلافات الاستراتيجية بين السعودية والإمارات في ملف اليمن
ثمة خلافات استراتيجية بين السعودية والإمارات في ملف اليمن، وأهداف الإمارات من دخول الحرب اليمنية مختلفة اختلافًا جوهريًا عن أهداف السعوديين.
لقد سعت الإمارات إلى فصل الجزء الجنوبي من اليمن والسيطرة على هذه المناطق استراتيجيًا واقتصاديًا، ولم تصر كثيرًا على إسقاط حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء، بل خططت في الغالب للسيطرة الاقتصادية والاستراتيجية على موانئ جنوب اليمن.
لكن آل سعود، واستناداً إلى استراتيجيتهم الأيديولوجية، وضعوا قضية سقوط حركة أنصار الله على رأس أهدافهم من هذه الحرب.
وقد اتسعت هذه الخلافات عندما وصلت الحرب في اليمن إلی طريق مسدود، وازدادت تكاليف الحرب واتخذت الحرب مساراً تآکلياً. وفي ظل هذه الظروف، انسحبت الإمارات، التي دخلت الحرب على أساس مؤشرات اقتصادية ومصالح وطنية، رسمياً من الحرب وسحبت قواتها من المنطقة. وبالطبع، احتفظت ببعض المرتزقة في المنطقة الجنوبية من اليمن للمضي قدماً بأهدافها.
وكانت هذه الخلافات هي التي أدت إلى وقوع عدة اشتباكات عنيفة ودموية بين مرتزقة البلدين في عدن ومحافظات يمنية أخرى خلال السنوات الماضية.
المصدر: الوقت