الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) في ذكرى استشهاده

السبت 21 أغسطس 2021 - 09:56 بتوقيت غرينتش
الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) في ذكرى استشهاده

أهل البيت-الكوثر: زين العابدين الامام علي بن الحسين (سلام الله عليهما) هو الابن الذكر الذي بقي من أولاد الامام الحسين (ع)، ولم يشارك في معركة كربلاء في العاشر من شهر محرم الحرام، لمرض ألم به، وقد كان في الثالثة والعشرين من عمره، ولعلّ الله سبحانه وتعالى أبقاه لتبقى مسيرة إمامة أهل بيت النبوة في الارض، ولقد همّ عمّال يزيد بن معاوية أن يقتلوه، ولكنّ الله كفّ أيديهم عنه.

الإمام زين العابدين (ع) من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وهو رابع من أئمة أهل البيت، وجدّه أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأول من أسلم به، وجدّته فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين، وأبوه الإمام الحسين أحد سيدي شباب أهل الجنة الذي استشهد في كربلاء يوم عاشوراء دفاعاً عن الإسلام وقيم السماء.

بعد واقعة ألطف المحزنة اشرف الامام السجاد (ع) على دفن اجساد الشهداء حين حضرت قبيلة بني أسد في اليوم الثالث من المعركة، وقاد قافلة السبايا مع عمته السيدة زينب الكبرى من كربلاء الى الكوفة ومنها الى الشام ثم الى المدينة.

 بعد واقعت الطف وتملّك بني أمية ناصية أمر الأمة الإسلامية، فأوغلوا في الإستبداد وولغوا في الدماء واستهتروا في تعاليم الدين، بقي الإمام زين العابدين سيد الساجدين (عليه السلام) جليس داره محزوناً، فاضطرّ أن يتخذ من أسلوب الدُعاء أحد الطرق التعليمية لتهذيب النُفوس ونشر تعاليم القرآن الكريم وآداب الإسلام وطريقة آل البيت، ولتلقين الناس روحية الدين بطريقة لا تحوم حولها شبهة المطاردين له، فلذلك أكثر من الأدعية التي جمعت في (الصحيفة السجادية) التي سمِّيت (بزبور آل محمد) وهي بحق بعد القرآن الكريم ونهج البلاغة من أعلى أساليب البيان وأرقى المناهل الفلسفية في الإلهِّيات والأخلاقِّيات.

لقد كان للمسلمين عموماً تعلق روحي شديد بالإمام السجاد (ع) وولاء عميق، وكانت قواعده الشعبية ممتدة في كل مكان من العالم الإسلامي كما يشير إلى ذلك موقف الحجيج الأعظم منه حينما حظر موسم الحج الحاكم الاموي "هشام بن عبد الملك" ولم يقدر على استلام الحجر الأسود من الزحام فنصب له منبر فجلس عليه ينتظر، ثم أقبل الامام زين العبدين (ع) وأخذ يطوف فكان إذا بلغ موضع الحجر انفجرت الجماهير وتنحى الناس حتى يستلمه لعظيم معرفتها بقدره وحبها له على اختلاف بلدانهم وانتساباتهم، وقد سجل الفرزدق هذا الموقف في قصيدة رائعة مشهورة عندما تنكّر "هشام" عن معرفة الامام (ع) والتي جاء فيها:

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ ***   وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ   ***   هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ

هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ   ***   بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا

وَلَيْسَ قَوْلُكَ مَن هذا؟ بضَائرِه *** العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ

شهادة الامام السجاد (ع):

الطاغية الوليد بن عبد الملك، سادس حكّام بني أمية، تولى الحكم بعد موت أبيه عبد الملك بن مروان سنة 86 هـ، وصف أنه كان جباراً عنيداً، ظلوماً غشوماً، ووصف عمر بن عبد العزيز عصره إنه ممّن امتلأت الأرض به جوراً.

كان الوليد يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام "علي بن الحسين) (ع)، فدسّ له السم على يد عامله على يثرب ، فاستشهد الإمام عليه السلام على أثر ذلك السم.

فقد روى محمد بن مسلم الزهري أن الطاغية الوليد بن عبد الملك قال: (لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا).

ودُفن الامام علي بن الحسين السجاد (ع) في البقيع مع عمه الإمام الحسن (ع)، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب (رض)، وهناك عدة آراء عند المؤرخين في تاريخ شهادة الإمام زين العابدين (ع)، واشهرها ان الامام (ع) قُبض وهو ابن "سبع وخمسين سنة"، في الثاني عشر من شهر محرم الحرام سنة خمس وتسعين للهجرة النبوية .

فسلام على الامام علي بن الحسين زين العابدين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.