مع الامام الحسين (ع) في نهضته... (19) العباس ساقي عطاشى كربلاء

الخميس 19 أغسطس 2021 - 09:43 بتوقيت غرينتش
مع الامام الحسين (ع) في نهضته... (19) العباس ساقي عطاشى كربلاء

النهضة الحسينية –الكوثر العباس بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ولد عام (26 للهجرة النبوية الشريفة) وأمه أم البنين الكلابية (رضوان الله عليها)، وهو المعروف بـأبي الفضل، والملقّب بقمر بني هاشم والسقّاء وكني بأبي القاسم. استشهد قبل أخيه الامام الحسين (عليه السلام) في واقعة عاشوراء سنة 61 هـ

حظي ابو الفضل العباس عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بمنزلة كبيرة، وأوردت المصادر الكثير من فضائله ومكرماته، فكان نعم الأخ المواسي لاخيه الامام الحسين (عليه السلام)، وله منزلة عظيمة يوم القيامة.

أسرته

تزوج العباس (ع) من لبابة بنت عبيد اللّه بن العبّاس بن عبد المطلب، وأنجبت له خمسة أولاد هم: "عبيد الله والفضل والحسن والقاسم ومحمد وبنت واحدة" وقد استشهد من أولاده في كربلاء (محمد) كما ذكر شهراشوب في المناقب، واتفقّ أرباب النسب على انحصار نسل العبّاس (ع) في ولده عبيد اللّه.

العباس في ركاب الإمام الحسن (ع(

لازم ابو الفضل العباس (ع) ركاب أخيه الإمام الحسن (ع)، وسار تحت لوائه طيلة حياته، وبذل جهداً كبيراً في الدفاع عن أخيه الحسن (ع) ودرء خطر معاوية الذي ما برح محدقاً بالإمام (ع).

في يوم التاسع من محرم نادى اللعين "شمر بن ذي الجوشن" (أين بنو أُختنا؟ أين العبّاس وإخوته؟ فأعرضوا عنه، فقال الحسين (ع): (أجيبوه ولو كان فاسقاً)

قالوا: ما شأنك؟ وما تريد ؟

قال: يا بني أُختنا أنتم آمنون، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين، وألزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد).

فقال له العبّاس (ع): (تبت يداك ولعن ما جئت به من أمانك يا عدو الله، أتامرنا أن نترك أخانا وسيدنا الحسين بن فاطمة، وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له).

العباس (ع) ساقي عطاشى كربلاء

كان العباس (ع) في واقعة كربلاء صاحب لواء الامام الحسين (ع)، وقد كسر الحصار يومي السابع والعاشر من محرم بعد أن حُرِم المخيّم من ماء نهر الفرات، فتمكّن من جلب الماء لمعسكر الحسين (ع) في المحاولة الأولى فلقّب بالسقّاء، واستشهد في طريق عودته من المحاولة الثانية .

العباس صاحب اللواء

لمّا أصبح الحسين (ع) يوم عاشوراء، عبأ أصحابه، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً، فجعل على ميمنته زهير بن القين، وعلى ميسرته حبيب بن مظاهر، ودفع اللواء إلى أخيه العباس (ع)، وثبت عليه السلام مع أهل بيته في القلب.

يقدّم أخوته لامه للقتال

آثر العبّاس (ع) أن يحظى بأُجر الصابرين على ما يَلمّ به من المصاب بفقد الأحبة، فدعا أُخوته لأُمه وأبيه وهم "عبد اللّه، وجعفر، وعثمان" وقال لهم: (تقدّموا يا بني أمي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله، والتفت إلى عبد الله وكان أكبر من عثمان وجعفر وقال: تقدم يا أخي حتى أراك قتيلا وأحتسبك، فقاتلوا بين يدي أبي الفضل حتى قُتلوا بأجمعهم) رضوان الله عليهم.

مبارزة الابطال

واجه العباس عليه السلام ثلاثة من فرسان القوم وشجعانهم، هم: (مارد بن صُدَيف)، الذي حمل على العباس (ع) برمحه، فأمسك به، وألقاه من ظهر فرسه، ثم قتله برمحه.

والثاني (صفوان بن الأبطح) المعروف بمهارته برمي النبال إلاّ أنّ العباس (ع) تمكّن منه، ولكنه تركه جريحاً، ولم يجهز عليه.

والثالث (عبد الله بن عقبة الغنوي)، الذي فرّ مذعوراً عن مبارزته بعد أن كان مصراً عليها.

العباس يرتقي مقام الشهادة

لمّا اشتدّ العطش بالحسين (ع) وأهل بيته يوم العاشر من المحرّم وسمع عويل النساء والأطفال يشكون العطش؛ طلب من أخيه الإمام الحسين السماح له لجلب الماء للاطفال، فأذن له الحسين (ع)، فحمل على القوم فأحاطوا به من كلّ جانب فقتل وجرح عدداً كبيراً منهم وكشفهم وهو يرتجز:

         لا أرهب الموت إذا الموت رقا      حتى أواري في المصاليت لقى

         نفسي لنفس المصطفى الطُّهر وقـا       إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا

                             ولا أخاف الشرّ يوم الملتقى

ووصل إلى نهر العلقمي فغرف منه غرفة ليطفىء لظى عطشه فتذكّر عطش اخيه الحسين (ع) فرمى بالماء وهو يرتجز :

         يا نفس من بعد الحسين هوني       من بعده لا كنتِ أن تكوني

         هــذا الحسين وارد المـنـون         وتـشـربـيـن بــارد الـمعـين

                            تالله ما هاذي فعال ديني           

فملأ القربة وعاد فحمل على القوم وقتل وجرح عدداً منهم فكمن له اللعين (زيد بن ورقاء) من وراء نخلة وعاونه (حكيم بن الطفيل السنبسيّ) فضربه على يمينه فقطعها فأخذ السيف بشماله وحمل وهو يرتجز:

            والله إن قطعتم يمـيني          إنـّي أحـامي أبـداً عـن ديني

            وعن إمام صادق اليقين       نجل النبيّ الطاهر الأمين

فقاتل حتّى ضعف فكمن له اللعين (الحكم بن الطفيل الطائيّ) من وراء نخلة فضربه على شماله فقطعها، فرتجز (ع):

              يا نفس لا تخشي من الكفّارِ      و أبشري برحمة الجبّار

              مـع النـبيّ السـيّد المختار         قـد قطـعوا ببغيهم يسـاري

                            فأصلهم يا ربّ حرّ النار

وبينما هو يجاهد ليوصل القربة إلى المخيّم، إذ أصاب عينه (ع) سهم، وأصاب القربة سهم آخر فأريق ماؤها، وعندها انقطع أمله (ع) من إيصال الماء؛ وضربه ملعون آخر بعمود من حديد على رأسه فسقط من على فرسه صريعا قرب شاطئ الفرات، فجاءه الامام الحسين (ع) وهو   يقول: (الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي).

مضى أبوالفضل العبّآس (ع) وإخوته من أمّه شهداء يذبّون عن حرم الإمام الحسين (ع) وحرم رسول الله (ص)، ضاربين أروع أمثلة الشرف والعزّة والكرامة والإباء والمواساة والإيثار والوفاء

العباس وجعفر (عليهما السلام) يطيران في الجنة

لقد أثبت الإمام علي بن الحسين (السجاد) عليه السلام لعمه العباس (ع) منزلة كبرى لم ينلها غيره من الشهداء ساوى بها عمّه جعفر الطيار، فقال (ع): (رحم اللّه عمّي العبّاس بن علي، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه، فأبدله اللّه عزّوجلّ جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، إنّ للعبّاس عند اللّه تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة).

فسلام عليك يا أبا الفضل العبّاس وعلى إخوتك عبدالله وجعفر وعثمان يوم وُلدتم، ويوم استشهدتم مظلومين محتسبين، ويوم تُبعثون أحياءً عند ربّ مليك مقتدر.

إقرأ أيضا: مع الامام الحسين (ع) في نهضته... (18) الرضيع شهيد كربلاء