مع الامام الحسين (ع) في نهضته... (2) كتب الكوفة تصل الى مكة

الثلاثاء 10 أغسطس 2021 - 07:54 بتوقيت غرينتش
مع الامام الحسين (ع) في نهضته... (2) كتب الكوفة تصل الى مكة

النهضة الحسينية-الكوثر: غادر الامام الحسين (عليه السلام) مدينة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) متوجها إلى مكة المكرمة لثلاث مضين من شعبان سنة ستين، فأقام بها باقي شعبان وشهر رمضان وشوال وذي القعدة، وقد وصلته كتب أهل الكوفة تؤكد البيعة له وخلع يزيد بن معاوية .

بذلك جاء عبد الله بن عباس (رض) وعبد الله بن الزبير فأشارا إليه بالامساك عن السير الى الكوفة. فقال لهما ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم قد أمرني بأمر  وأنا ماض فيه. فخرج ابن عباس وهو يقول وا حسيناه .

ثم جاء عبد الله بن عمر فأشار إليه بصلح أهل الضلال وحذره من القتل والقتال فقال له الامام الحسين (ع) : يا أبا عبد الرحمن أما علمت أن من هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا (ع) أهدى إلى بغى من بغايا بني إسرائيل، أما تعلم إن بني إسرائيل كانوا يقتلوا ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم بل أمهلهم وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام، اتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي

كتب أهل الكوفة للامام الحسين ( ع) .

سمع أهل الكوفة بوصول الامام الحسين (ع) إلى مكة وامتناعه من البيعة ليزيد فاجتمعوا في منزل سليمان بن صِرَدْ الخزاعي (رض) فلما تكاملوا قام سليمان بن صرد  فيهم خطيبا وقال في آخر خطبته : يا معشر الشيعة إنكم قد علمتم بأن معاوية قد هلك وصار إلى ربه، وقدم على عمله، وقد قعد في موضعه ابنه يزيد، وهذا الحسين بن علي (ع) قد خالفه وصار إلى مكة هاربا من طواغيت آل أبي سفيان، وأنتم شيعته وشيعة أبيه من قبله وقد احتاج إلى نصرتكم اليوم، فإن كنتم تعلمون إنكم ناصروه ومجاهدوا عدوه فاكتبوا إليه وإن خفتم الوهن والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه، فكتبوا إليه .

(بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن علي أمير المؤمنين، من سليمان بن صرد الخزاعي، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر، وعبد الله بن وائل، وشيعة من المؤمنين، سلام عليك .

أما بعد، فالحمد الله الذي قصم عدوك وعدو أبيك من قَبلُ، الجبار العنيد الغشوم الظلوم، الذي ابتز هذه الأمة أمرها وغصبها فيئها وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وعتاتها، فبعدا له كما بعدت ثمود، ثم إنه ليس علينا إمام غيرك، فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الحق. والنعمان بن بشير في قصر الامارة ولسنا نجمع معه في جمعة ولا جماعة ولا نخرج معه في عيد، ولو قد بلغنا إنك أقبلت أخرجناه حتى يلحق بالشام. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، يا بن رسول الله، وعلى أبيك من قبلك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (.

ثم سرحوا الكتاب ولبثوا يومين وأنفذوا جماعة معهم نحو مائة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والثلاثة والأربعة، يسألونه القدوم عليهم، والامام الحسين (ع) مع ذلك يتأنى ولا يجيبهم، فورد عليه (ع) في يوم واحد ستمائة كتاب وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده (ع) منها في نوبْ متفرقة اثني عشر ألف كتاب .

ثم قدم على الامام الحسين (ع)  بعد ذلك، هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي، بهذا الكتاب وهو آخر ما ورد على الحسين (ع) من أهل الكوفة وفيه .

(بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن علي أمير المؤمنين (ع)، أما بعد فإن الناس ينتظرونك لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل يا بن رسول الله، فقد اخضرت الجنات، وأينعت الثمار، وأعشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فأقدم علينا إذا شئت فإنما تقدم على جند مجندة لك .والسلام عليك ورحمة الله وعلى أبيك من قبلك .

فقال الحسين (ع) لهاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي : خبراني من أجتمع على هذا الكتاب الذي كتب به إلي معكما ؟ فقالا : يا بن رسول الله، شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، ويزيد بن الحارث، ويزيد بن رويم، وعروة بن قيس، وعمرو بن الحجاج، ومحمد بن عمير بن عطارد .

فعندها قام الامام الحسين (ع) فصلى ركعتين بين الركن والمقام وسأل الله الخيرة في ذلك ثم طلب ابن عمه "مسلم بن عقيل بن ابي طالب" وأطلعه على الحال وكتب معه جواب كتبهم يعدهم بالقبول ويقول ما معناه .

(قد نفذت إليكم ابن عمي مسلم بن عقيل ليعرفني ما أنتم عليه من رأي جميل)، فسار مسلم (رض) بالكتاب حتى وصل الكوفة، فلما وقفوا على كتاب استبشارهم بإيابه ثم أنزلوه في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، وصارت الشيعة تختلف إليه ، فلما اجتمع إليه منهم جماعة قرا عليهم كتاب الحسين عليه السلام ، وهم يبكون حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفا .

وكتب المنافقون من الحزب الأموي هم: "عبد الله بن مسلم الباهلي، وعمارة بن وليد، وعمر بن سعد" إلى يزيد بن معاوية يخبرونه بأمر مسلم (رض) ويشيرون عليه بصرف النعمان بن بشير وولاية غيره .

فكتب يزيد (لع) إلى عبيد الله بن زياد (عليهما لعنة الله) وكان واليا على البصرة بأنه قد ولاه الكوفة وضمها إليه وعرفه أمر مسلم بن عقيل (رض) وأمر الامام الحسين (ع) وشدد عليه في تحصيل مسلم وقتله.

إقرأ أيضا:

 

مع الامام الحسين (ع) في نهضته... (1) أخذ البيعة ليزيد