كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يعظّم رُشيد الهَجَري(رض) ويُسمّيه (رشيد البلايا)، واخترقت نظرته الثاقبة النافذة ما وراء عالم الشهادة ، فعُرف بعالِم (البلايا والمنايا) .
ترجم عظمة الصبر ، ودلّ على صلابته في محبّته لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
في الأمالي للطوسي عن بنت رُشيد الهَجَري عن رُشيد الهجَرَي : قال لي حبيبي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا رُشيد ، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعيُّ بني اُميّة فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أيكون آخر ذلك إلى الجنّة ؟ قال : نعم يا رُشيد ، وأنت معي في الدنيا والآخرة .
قالت : فوالله ما ذهبت الأيّام حتى أرسل إليه الدعي بن زياد ، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فأبى أن يتبرّأ منه ، فقال له ابن زياد : فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت ؟ قال: أخبرني خليلي صلوات الله عليه أنّك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرّأ ، فتقدّمني فتقطع يدي ورجلي ولساني .
فقال: والله لاُكذّبنَّ صاحبك ، قدّموه فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه ، فقطعوه ثمّ حملوه إلى منزلنا . فقلت له : يا أبه جُعلت فداك ، هل تجد لما أصابك ألماً ؟ قال : والله لا يابُنية إلاّ كالزحام بين الناس .
ثمّ دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجّعون له ، فقال : إيتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون ممّا أعلمنيه مولاي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
فأتوه بصحيفة ودواة ، فجعل يذكر ويُملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجّام حتى قطع لسانه ، فمات من ليلته تلك ( رحمه الله ) .
وكانت شهادته في الكوفة في إمارة زياد بن أبيه أيام حكم معاوية بن ابي سفيان ، ودفن في باب النخيلة في الكوفة .
إقرأ ايضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (35) ميثم التمار