على الرغم من الأمر الملكي الذي قضى بإيقاف إعدام القاصرين في السعودية، إلّا أن السلطات أصرّت على تصفية الشاب مصطفى آل درويش من أهالي جزيرة تاروت في القطيف، بتهمة "الخروج على ولي الأمر" وفق ما أعلن بيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية. وهو ما لا ينسجم مع عمره حين حصل الاعتقال، إذ تؤكد المعلومات أنه كان قاصرًا في ذلك الوقت.
وتعتمد السلطات القضائية السعودية على الاعترافات كأدلة رئيسة في المحاكمات، فيما تقول منظمات حقوقية دولية إن السلطات تقوم بتعذيب المعتقلين لإجبارهم على الاعتراف تحت الإكراه.
صورة النظام ستبقى حالكة
المُعارض السعودي البارز الدكتور فؤاد ابراهيم وفي تصريح له معلّقًا على النبأ أن "الشاب مصطفى آل درويش اعتقل ضمن باقة من الاتهامات المعلبة شملت عشرات من الذين خرجوا في مسيرات سلمية في حراك 2011 فقضوا بالرصاص في الشارع أو بالسيف".
وأكد أن "صورة النظام ستبقى حالكة ولو أنفق ما في الارض ذهبا لتلميعها أمام العالم، ولا يزيد الناس الا بصيرة ووعيا بأن هذا نظام جدير بالأفول، لافتًا الى أن هذا النظام الدموي أعدم حتى اليوم 844 شخصا منذ تولي الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
وأوضح ابراهيم أن مصطفى آل درويش كان في سن السابعة عشرة حين اعتقاله وتاليًا الحكم عليه، يعني أنه كان قاصرًا"، لكن النظام السعودي لا يفرّق بين قاصر وغير قاصر.
ازدراء مؤسف للحق في الحياة
من جهتها ندّدت منظمة العفو الدولية "أمنستي" بالحكم الذي صدر بحق آل درويش وبتنفيذه من قبل السلطات السعودية على الرّغم من المناشدات التي أطلقتها مع منظّمات عدّة لثنيها عن ذلك.
وقالت العفو الدولية في بيان أصدرته الأسبوع الماضي وناشدت فيه السلطات السعودية وقف تنفيذ العقوبة إنّ آل درويش الذي أعدم عن 26 عاماً اعتُقل في أيار/مايو 2015 "بسبب مشاركته المزعومة في الاحتجاجات التي وقعت في المنطقة الشرقية في الفترة بين عامي 2011 و2012".
وأضافت أنّ "القانون الدولي لحقوق الإنسان يحظر على نحوٍ صارمٍ استخدام عقوبة الإعدام للأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 18 سنة في وقت ارتكاب الجريمة. ونظراً لأنّ لائحة الاتهام الرسمية لا تحدّد الشهر الذي وقعت فيه الجرائم بالضبط، فإنّ مصطفى آل درويش ربّما كان في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من العمر في ذلك الوقت".
وأعربت العفو الدولية عن أسفها لأنّ الشاب "حُكم عليه بالإعدام إثر محاكمة شابتها عيوبٌ جسيمةٌ بناءً على ما سُمّي بـ+اعترافاتٍ+ أدلى بها تحت وطأة التعذيب".
ولفتت المنظّمة الحقوقية بالخصوص إلى أنّه "أثناء احتجازه، وُضع في الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي لمدّة ستّة أشهر، وحُرم من التواصل مع محامٍ حتى بدء محاكمته بعد مرور سنتين، الأمر الذي يشكّل انتهاكاً لحقّه في محاكمة عادلة".
وفي بيان ثان أصدرته الثلاثاء بعد تنفيذ العقوبة، أعربت العفو الدولية عن أسفها لأنّ "السلطات السعودية، بتنفيذها هذا الإعدام، أظهرت ازدراءً مؤسفاً للحقّ في الحياة".
إنتهاك سعودي صارخ للقوانين
في الاثناء، قالت المنظمة الأوروبية السعودية ESOHR تعليقا على هذا الاعدام: "منذ عام ادعت الحكومة السعودية وقف إعدام القاصرين، لكنها اليوم قتلت (مصطفى آل درويش)، الذي واجه تهما تعود إلى حين كان قاصرا. إنتهاك صارخ للقوانين وتأكيد على زيف ادعاءاتها بوقف قتل الأطفال. فمن سوف يحاسب السعودية على جرائمها، وخاصة أن هناك مجموعة من القاصرين يتهددهم الإعدام!".
من جهتها، قالت منظمة "ريبريف" البريطانية غير الحكومية إنّ عائلة آل درويش علمت بنبأ إعدام ابنها من "قراءة الأخبار على الإنترنت"، مؤكدة أن اعتراف آل درويش انتُزع منه بالإكراه وإنه تراجع عن اعترافه الذي انتُزع منه تحت التعذيب.
بدورها، تساءلت أسرة آل درويش في بيان كيف يمكن للسلطات إعدام فتى بسبب صورة على هاتفه المحمول. وذكرت أنها لم تشعر سوى بالألم منذ اعتقاله.
ومنعت السلطات السعودية وسائل الإعلام من نشر روابط "مجموعات التعزية" الخاصة بالشهيد مصطفى آل درويش من أهالي جزيرة تاروت في القطيف.
يذكر أن المتعارف عليه حالياً، اقامة مجالس العزاء الكترونياً بدلاً من الحضور الشخصي بسبب جائحة كورونا.
إعدام تعسفي بإجراء قضائي جائر
من جهتها أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن تنفيذ حكم الاعدام بمصطفى آل درويش رسالة واضحة باستمرار إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بحق القاصرين على الرغم من الوعود والتصريحات بوقفها.
وقالت المنظمة الأوروبية إن تنفيذ الحكم بآل درويش والذي يعد رقم 27 منذ بداية العام 2021، يظهر مضي النظام السعودي بتنفيذ أحكام الإعدام، ويهدد حياة آخرين لا زالوا في طابور الإعدام.
وشددت المنظمة الأوروبية السعودية أن قتل الشاب مصطفى آل درويش تعزيرا، يبين إصرار النظام على إصدار وتنفيذ أحكام إعدام تعسفية بإجراءات قضائية جائرة، وهو ما يدق ناقوس الخطر على حياة الآخرين.
وكانت المملكة أعلنت في نيسان/أبريل 2020 أنّ محاكمها ستتوقّف عن إنزال عقوبة الإعدام بالأشخاص الذين يدانون بجرائم ارتكبوها عندما كانوا دون سنّ الـ18 عاماً، مشيرة إلى أنّه سيُحكم عليهم بدلاً من ذلك بالسجن لمدة عشر سنوات كحدّ أقصى على أن يقضوا هذه العقوبة في سجن للأحداث.
ويتعرّض النظام السعودي لانتقادات حادّة من منظمات حقوق الإنسان بسبب سجله السيء في مجال حقوق الانسان ومعدلات الإعدام المرتفعة في المملكة ونظامها القضائي.