رؤى سياسية قرانية.. ح 10 (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا...)

الإثنين 14 يونيو 2021 - 11:04 بتوقيت غرينتش
رؤى سياسية قرانية.. ح 10 (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا...)

القرآن الكريم-الكوثر: قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز: (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُواْ خِلَٰلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّٰعُونَ لَهُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلظَّٰلِمِين) (سورة التوبة- الآية 47).

الفوضيويون. .....أدوات إخلال النظام

التفسير بايجاز:

 لو خرج المنافقون معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب في الصفوف والشر والفساد، ولأشاعوا بينكم النميمة والبغضاء، يبغون فتنتكم بتثبيطكم عن الجهاد في سبيل الله، وفيكم -أيها المؤمنون- عيون لهم يترصدون أخباركم، وينقلونها إليهم. والله عليم بهؤلاء المنافقين الظالمين، وسيجازيهم على ذلك.

‏{‏وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ ولسعوا في الفتنة والشر بينكم، وفرقوا جماعتكم المجتمعين، ‏{‏يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ‏}‏ أي‏:‏ هم حريصون على فتنتكم وإلقاء العداوة بينكم‏.‏

‏{‏وَفِيكُمْ‏}‏ أناس ضعفاء العقول ‏{‏سَمَّاعُونَ لَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ مستجيبون لدعوتهم يغترون بهم، فإذا كانوا هم حريصين على خذلانكم، وإلقاء الشر بينكم، وتثبيطكم عن أعدائكم، وفيكم من يقبل منهم ويستنصحهم‏.‏ فما ظنك بالشر الحاصل من خروجهم مع المؤمنين، والنقص الكثير منهم، فللّه أتم الحكمة حيث ثبطهم ومنعهم من الخروج مع عباده المؤمنين رحمة بهم، ولطفا من أن يداخلهم ما لا ينفعهم، بل يضرهم‏.‏

‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ‏}‏ فيعلم عباده كيف يحذرونهم، ويبين لهم من المفاسد الناشئة من مخالطتهم‏.‏

الفوضوية (الاناركية او اناركيزم وبتسمى ايضاً لاسلطوية): تعرّف عمومًا بأنها الفلسفة السياسية التي تجعل الدولة غير مرغوبة وغير ضرورية وضارة، والتي تستهدف الحكومة ومؤسساتها وفي بعض الأحيان تستهدف أبناء الشعب و ضربهم عشوائيا.

الذي نريد قوله هنا من وصف الفوضويون هم أولئك الذين يلحقون الضرر بالأمة والدولة دون ان تكون لهم أهداف واضحة، وقد استخدمت القوى الكبرى الفوضى وسمتها بالخلاقة لأغراض تقويض أي نظام حكم لا يسير في ركابها و لا يركن إليها.

 ونحن نعلم ان الركون إلى الظالم هو الظلم بعينه (ولا تركنوا إلى الذين  ظلموا).

على الرغم من أن الآية ظاهرها الخروج للقتال ،إلا انها تبين بوضوح صفات وواقع الفوضوية داخل المجتمع، وان وجود هؤلاء الفوضويون واتساع مساحة تأثيرهم على الأمة مما يساعد في تقويض المنجزات  ونشر الإشاعات ، وقد تكون سببا رئيسا في إسقاط الحكومة ان لم ينتبه لها أبناء الأمة و الواعون الشرفاء من الأمة ويتصدوا لأولئك. وخير مثال على  هؤلاء ...الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)، وزعموا ان لا حكم إلا لله .

ومن كلام أمير المؤمنين (ع) في الخوارج لما سمع قولهم لا حكم إلا لله، قال (ع) (كلمة حق يراد باطل)، نعم إنه لا حكم إلا لله. ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله: (وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر  يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفئ، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح به بر ويستراح من فاجر.

من صفات (الفوضيون والمنافقون) أنهم يرفعون شعارات تبدو جديدة على المسامع وذات أثر آني كبير، إلا انها جوفاء ولكن لا يمكن للمستمع العادي ان يعي حقيقتها المخادعة بسهولة فتنطلي عليه وينحرف مع التيار، والواعون هم الذين ينظرون إلى قائدهم الحكيم وبيانه.

علي العلوي / قم المقدسة

:إقرأ أيضا رؤى سياسية قرانية.. ح 9 (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ)