رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (31) مسلم بن عبد الله المجاشعي (رض)

الثلاثاء 1 يونيو 2021 - 13:50 بتوقيت غرينتش
رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (31) مسلم بن عبد الله المجاشعي (رض)

اسلاميات-الكوثر: كان مسلم المجاشعي (رض) يعيش في المدائن أيّام واليها حُذيفة بن اليمان ، وبعد مقتل عِثمان وبقاء حذيفة والياً عليها بأمر أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) قرأ حذيفة على الناس رسالة الإمام (ع) ، ودعاهم إلى بيعته متحدّثاً عن سابقيته للاسلام وجهاده بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

لمّا بايع الناس أمير المؤمنين (عليه السلام) ، طلب مسلم المجاشعي من حذيفة أن يحدّثه عن حياة الامام علي (ع) ومواقفه في بناء صرح الاسلام، ففعل فأصبح مسلم من الموالين لأمير المؤمنين علي (ع) ، ورسخ حبّ الإمام (ع) في قلبه حتى قال (عليه السلام) فيه يوم الجمل : ((إنّ الفتى ممّن حشى الله قلبه نوراً وإيماناً((

في المناقب للخوارزمي في ذكر أحداث حرب الجمل:ـ  لمّا تقابل العسكران : عسكر أمير المؤمنين علي (ع) وعسكر أصحاب الجمل، جعل أهل البصرة يرمون أصحاب علي بالنبل حتى عقروا منهم جماعة، فقال الناس: يا أمير المؤمنين ، إنّه قد عقرنا نبلهم فما انتظارك بالقوم ؟!

فقال الامام علي (ع) : اللهمّ إنّي اُشهدك أنّي قد أعذرت وأنذرت ، فكن لي عليهم من الشاهدين .

ثمّ دعا الامام (ع) بالدرع ، فأفرغها عليه ، وتقلّد بسيفه واعتجر بعمامته واستوى على بغلة النبي (ص) ، ثمّ دعا بالمصحف فأخذه بيده ، وقال (ع) : يا أيّها الناس ، من يأخذ هذا المصحف فيدعو هؤلاء القوم إلى ما فيه ؟

قال : فوثب غلام من مجاشع يقال له: مسلم، عليه قباء أبيض، فقال له: أنا آخذه يا أمير المؤمنين .

فقال له الامام علي (ع): يا فتى إنّ يدك اليمنى تقطع ، فتأخذه باليسرى فتقطع ، ثمّ تضرب عليه بالسيف حتى تقتل ؟

فقال الفتى: لا صبر لي على ذلك يا أمير المؤمنين .

قال : فنادى علي (ع) ثانية، والمصحف في يده ، فقام إليه ذلك الفتى وقال : أنا آخذه يا أمير المؤمنين .

قال : فأعاد عليه على مقالته الاُولى ، فقال الفتى : لا عليك يا أمير المؤمنين ، فهذا قليل في ذات الله ، ثمّ أخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم ، فقال: يا هؤلاء ، هذا كتاب الله بيننا وبينكم .

قال : فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها ، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله ، فاحتضن المصحف بصدره فضرب عليه حتى قتل رحمة الله عليه .

كانت أمه (رضوان الله عليها) تنظر إلى ما فعلوا بابنها ، وما إن سقط شهيداً حتى ركضت نحوه وانحنت عليه واحتضنته وجرّته إلى المعسكر وساعدها جماعة من العسكر ووضعوه أمام أمير المؤمنين (ع) فقالت:

يا ربِّ إنَّ مسلماً أتاهمْ * بمُحكمِ التنزيلِ إذْ دعاهمْ

يتلو كتابَ اللهِ لا يخشاهمْ * فخضّبوا من دمهِ قناهُمْ

وأمُّهمْ واقفةٌ تراهمْ * تأمُرُهمْ بالقتلِ لا تنهاهمْ

                                   فرَّملوهُ رُمِّلتْ لحَاهمْ

فلما رأى أمير المؤمنين (ع) الشاب وهو مثخن بدمائه رفع يديه إلى السماء وقال:

)اللهم إليك شخصت الأبصار، وبسطت الأيدي وأفضت القلوب، وتقربت إليك بالأعمال، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالفتح وأنت خير الفاتحين).

وكانت شهادته ( رضوان الله عليه ) سنة ٣٦ هـ .

إقرأ أيضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (28) كميل بن زياد النخعي (رض)

 

 

 ((مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ ۖ فَمِنهُم مَن قَضىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ ۖ وَما بَدَّلوا تَبديلًا)) ﴿الأحزاب:۲۳﴾