ترجمة مختصرة لراوي الدعاء:
هو كميل بن زياد بن نهيك النخعي الكوفي، من خواص أصحاب الإمام علي (ع)، كما كان من أصحاب الإمام الحسن (ع) أيضاً.
وُلد سنة 12 هـ، فقد عاصر مدة 18 سنة أيام حياة رسول الله (صلی الله عليه وآله) ، وبعد وفاته كان ممن بايعوا أمير المؤمنين (ع)، وشارك معه في حروبه، واعتُبر صاحب أسرار الإمام، كان من ضمن الذين ابعدهم عثمان من المدينة إلى الشام. استشهد كميل سنة 82 هـ حيث قُتل بأمر الحجاج بن يوسف الثقفي.
وقت قراءة الدعاء:
دعاء كميل هو من الأدعية التي يواضب اتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) على قراءته في ليالي الجمعة وليلة النصف من شهر شعبان. وقد قام عدّة من الأعلام بشرحه وبيان أسراره، واعتبره العلامة المجلسي من أفضل الأدعية.
ذكر السيد ابن طاووس (رحمه الله) أنه يُستحب قراءة دعاء كميل في ليلة النصف من شعبان وليلة الجمعة.
مضامين دعاء كميل:
يتضمن دعاء كميل تعاليم وآداب توحيدية وعرفانية وأخلاقية، منها:
1- الخضوع بين يدي الله تعالى وسؤاله والقسم عليه بالرحمة، والقوة، والجبروت، والعزة، والعظمة، والسلطان، والعلم، والأسماء الحسنى، والنور الإلهي. ومن التقديس والالتماس بين يديه تعالى : «يا نُورُ يا قُدُّوسُ يا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ وَيا آخِرَ الْآخِرِينَ ».
2- بعد تقديس الباري تعالى يبدأ العبد بنداء بطلب الغفران للآثام والأخطاء التي يرتكبها الإنسان: «الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ... الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ... الَّتي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ... الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ... الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ» ثم يجمعها وغيرها في مقام واحد «اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ خَطيئَة اَخْطَأتُها ».
3- يتقرب الداعي إلى الله تعالى ويتشفع إليه بسؤال الخاضع الذليل ويستلهم من ذلك كله ما يجعله يظهر شوقه للحق تعالى: «اَللّهُمَّ اِنّي أَسْأَلُكَ سُؤالَ خاضِع مُتَذَلِّل خاشِع اَنْ تُسامِحَني وَتَرْحَمَني وَتَجْعَلَني بِقِسْمِكَ راضِيَا قانِعاً وَفي جَميعِ الاَْحْوالِ مُتَواضِعاً، اَللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ سُؤالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ، وَاَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدائِدِ حاجَتَهُ، وَعَظُمَ فيما عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ» .
4- بسط الداعي بين يديه عظمة سلطان الله تعالى وقاهريته ويعترف له بالخطأ والظلم لنفسه: «لا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ ظَلَمْتُ نَفْسي، وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلي وَسَكَنْتُ اِلى قَديمِ ذِكْرِكَ لي وَمَنِّكَ عَلَيَّ ».
5- يستعرض الداعي في فقرات أخرى أن الله تعالى ستار العيوب، يدفع البلاء، يحفظ من العثرات... مع عدم استحقاق العبد لهذا كله، فيقدمها كشكوى بين يديه تعالى يستعطف بها: «اَللّهُمَّ مَوْلاي كَمْ مِنْ قَبيح سَتَرْتَهُ وَكَمْ مِنْ فادِح مِنَ الْبَلاءِ اَقَلْتَهُ وَكَمْ مِنْ عِثار وَقَيْتَهُ، وَكَمْ مِنْ مَكْرُوه دَفَعْتَهُ، وَكَمْ مِنْ ثَناء جَميل لَسْتُ اَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ...» فيطلب العفو عنها والستر من الفضيحة بسببها: «وَلا تَفْضَحْني بِخَفِي مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرّى، وَلا تُعاجِلْني بِالْعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ في خَلَواتي مِنْ سُوءِ فِعْلي وَإساءَتي وَدَوامِ تَفْريطي وَجَهالَتي وَكَثْرَةِ شَهَواتي وَغَفْلَتي... ».
6- يقر العبد أنه واقف بين يدي الله تعالى معترفا ومعتذرا ونادما عما جنى من تقصيره وإسرافه على نفسه: «وَقَدْ اَتَيْتُكَ يَا اِلـهي بَعْدَ تَقْصيري وَاِسْرافي عَلى نَفْسي مُعْتَذِراً نادِماً مُنْكَسِراً مُسْتَقيلاً مُسْتَغْفِراً مُنيباً مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً لا اَجِدُ مَفَرّاً مِمّا كانَ مِنّي وَلا مَفْزَعاً اَتَوَجَّهُ اِلَيْهِ في اَمْري غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْري وَاِدْخالِكَ اِيَايَ في سَعَة رَحْمَتِكَ... ».
7- ويستمر الالتماس والاعتراف والتذلل والخضوع والمسكنة في حيرة منه في أي خطأ يعترف به وأي زلل يطلب العفو عنه: «يَا اِلهي وَرَبّي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ لاَِيِّ الاُْمُورِ اِلَيْكَ اَشْكُو وَلِما مِنْها اَضِجُّ وَاَبْكي...» ، ثم يتوسل إليه تعالى بأحسن الخطاب ويختم ضراعته بطلب الإجابة: «أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَاَعْظَمِ صِفاتِكَ وَاَسْمائِكَ.... فَإلَيْكَ يَا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهي وَإلَيْكَ يَا رَبِّ مَدَدْتُ يَدي، فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لي دُعائي وَبَلِّغْني مُنايَ وَلا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجائي... ».
8- ثم يختم الدعاء بالصلاة على النبي وآله ويسلم لله تعالى أن يفعل به ما هو أهله من المعرفة بمصالح عبده: «يَا عالِماً لا يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَافْعَلْ بي ما اَنْتَ اَهْلُهُ وَصَلَّى اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَالاَئِمَّةِ الْمَيَامينَ مِنْ آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً ».
إقرأ أيضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (29) وصية الإمام علي (ع) لكميل (رض)
مسألة شرعية:
قال السيد اليزدي في العروة الوثقى: الجُنب إذا قرأ دعاء كميل الأولى والأحوط أن لا يقرأ منه ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ﴾ [10]؛ لأنه جزء من سورة حم السجدة، وكذا الحائض، والأقوى جوازه [11] ووافقه على هذا السيد الخوئي، واختار الإمام الخميني والسيد السيستاني الاحتياط.
إقرأ أيضا: دعاء كميل كامل بصوت الحاج مهدي سماواتي