(أمانة حفظ الاسرار .....مبدأ سياسي اصيل)
1- ان تفسير الآية و بإيجاز ... يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تتخذوا من لا تقوى له امينا من دون المؤمنين، تُطْلعونهم على أسراركم، فهؤلاء لا يَفْتُرون عن إفساد حالكم، وهم يفرحون بما يصيبكم من ضرر ومكروه، وقد ظهرت شدة البغض في كلامهم، وما تخفي صدورهم من العداوة لكم أكبر وأعظم. قد بيَّنَّا لكم البراهين والحجج، لتتعظوا وتحذروا، إن كنتم تعقلون عن الله مواعظه وأمره ونهيه.
2- ان المخلين في اوضاع الدولة سواءا من المنافقين او الانتهازيين والذين ضربت مصالحهم بوجود دولة العدل، وكذلك سواءا من الذين اظهروا اسلامهم زورا و كذبا او من اتباع اهل الكتاب، و خاصة يهود المدينة الذين خسرت صفقتهم في ان يكون الرسول الاكرم (ص) منهم، فشكلوا شريحة او طابورا لغرض الحاق اشد الضرر بدولة الرسول (ص) وكانوا يسعون بنقل كل ما يحصلون عليه من اسرار تخص قوة المؤمنين، يسعون لنقلها الى مشركي مكة، بل و يوعدوهم بان ينصروهم اذا ما هاجموا المدينة، اضافة الى ما كانوا ينشرونه من اشاعات بين صفوف المسلمين وما يطلق عليه القران الكريم بالإرجاف لتثبيط عزيمة المسلمين وانهيار معنوياتهم.
3- لقد كان أفضل مثال لهذا الوصف هم المنافقين في زمن الرسول الأكرم (ص) والخوارج في زمن الإمام علي (ع)، وهم الجهلة والسفلة من الأمة الذين لا يفقهون شيئا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا فيما يقوموا به من إشاعة او فتنة اوإثارة النعرات العنصرية.
4- ان الآية في الحقيقة تحذير للمؤمنين وتؤشر إلى مبدأ سياسي مهم وهو، ان لا يثقوا بشريحة او مجموعة من الناس يكون وضعهم غير مستقر، بل ولا يهمهم من أمر الرسالة او الدولة شيئا، ولا يفكروا إلا بمصالحهم ، بل وان بعضهم يثير كل ما يسيء ويعقد وضع الدولة داخليا، ثم ان الله تعالى ينبه إلى صفات أولئك بأن نرى حالات الغضب والسخط تظهر في أقوالهم وتصرفاتهم المسيئة، هذا فضلا عن وضعهم النفسي القلق بسبب ظاهرهم الذي يخالف واقعهم و ما يخفون في داخلهم.
5- أن الحفاظ على أسرار الدولة هي من اهم عناصر قوتها التي يمكن من خلالها أن تفاجئ الأعداء بما لم يحسبه من خطط، بل وانها تجعل خطط الاعداء نصيبها الفشل، وذلك ضمانا لقوة الأمة و الحكومة معا ، ويعتبر مبدا الحفاظ على اسرار الدولة مبدا اساسي يبينه لنا القران الكريم.
6- و مما ورد في (الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي .....، وبهذا كان اليهود الذين يتظاهرون بالمودة للمسلمين - وهم ألد أعداء الإسلام في باطنهم - يطلعون على أسرار المسلمين، فنزلت هذه الآيات تحذر أولئك الرجال من المسلمين من مغبة هذه الصداقات والعلاقات، وتوصيهم بأن لا يتخذوا اليهود بطانة يسرون إليهم بأسرارهم، لأنهم لا يتورعون عن استخدام كل وسيلة ممكنة - حتى هذه الأسرار - لإلحاق الأذى والضرر بكم، لأنهم يهمهم - دائما - أن تكونوا في نصب وتعب ومحن ومشاكل، وعناء وشقاء.
إقرأ أيضا: رؤى سياسية قرانية.. ح 8 (حكومة في الارض ...لا ظلم و لا فساد)
للموضوع صلة في حلقة قادمة بعنوان الفوضويون وأثرهم في الدولة الاسلامية.
علي العلوي / قم المقدسة