يُردّد المثقّفون الغربيّون، وبعض المثقّفين العرب، أنّ الإسلام دين وعقيدة وليس ثورة ومنهجاً للحياة، وأنّه عبارة عن علاقة بين الإنسان وربّه، ولا يصلح لأنْ يكون أساساً لثورة اجتماعيّة كالّتي حصلت في العصر الحديث في إيران بقيادة الإمام الخمينيّ قدس سره.
وما ورد عن الشهيد آية الله محمد باقر الصدر (قدس سره) في سلسلة اطروحاته (الاسلام يقود الحياة): ((وقد فات هؤلاء أنّ الإسلام ثورةٌ لا تنفصل فيها الحياة عن العقيدة، ولا ينفصل فيها الوجه الاجتماعيّ عن المحتوى الروحيّ، ومن هنا كانت الثورة الإسلاميّة تحت مظلّة الوليّ الفقيه فريدةً من نوعها على مرّ التأريخ).
لقد جاء الإسلام بمبدأ (لا إله إلّا الله)، وهو مبدأ التوحيد الّذي يُمثّل جوهر العقيدة الإسلاميّة، بل بهذا المبدأ تمّ تحرير الإنسان من الداخل أوّلاً، أي حقيقة تحريره من عبوديّة غير الله، وجعله يرفض كلّ أشكال الألوهيّة المزيّفة على مرّ التأريخ، وهذا ما سُمّيَ بـ (الجهاد الأكبر) أو (جهاد النفس)، ليكون ذلك مقدّمة نحو تحقيق نتيجة طبيعيّة ألا وهي تحرير الإنسان من الخارج ثانياً، بمعنى حقيقة تحرير الثروة والكون من أيّ مالك سوى الله تبارك وتعالى، وهذا ما سُمّي بـ (الجهاد الأصغر). وقد ربط أمير المؤمنين عليه السلاميين هاتين الحقيقتين حين قال: "العباد عباد الله والمال مال الله"
إذاً من خلال ذلك حطّم الإسلام كلّ القيود المصطنعة والحواجز التأريخيّة الّتي كانت تعوق تقدّم الإنسان، وكدحه إلى ربّه، وسيره الحثيث نحوه.
ثورة الأنبياء عليهم السلام:
لقد حمل الأنبياء عليهم السلام مشعل الإسلام الّذي كافحوا من أجله، ليُشكِّلوا بذلك ثورة اجتماعيّة على الظلم والطغيان، وعلى كلّ ألوان الاستغلال والاستعباد)).
إقرأ أيضا: رؤى سياسية قرانية.. ح 6 (الدولة الاسلامية والتعايش السلمي)
في الواقع يعتبر الإسلام الرق والاستعمار الفكري نوعا من العبودية والعبادة لغير الله، وهو كما يحارب الشرك وعبادة الأصنام، يحارب كذلك الاستعمار الفكري الذي هو أشبه بعبادة الأصنام.
علي العلوي / قم المقدسة