مع إيقان جميع الدول باستحالة إيقاف المطارات عن العمل مرة أخرى، كما حصل العام الماضي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، عادت حركة الطيران نوعا ما إلى عملها خصوصا مع تخفيف قيود السفر وتسريع إجراءات التطعيم حول العالم.
إلا أن متغيرات خطيرة أدت إلى تفشي سلالات أخرى من الوباء، طرحت تساؤلات حول مدى أمان السفر هذه الأيام.
أمام هذا الوضع، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرا حاكت فيه الواقع تقريبا وشرحت ما يحدث أثناء السفر وفي الطائرات، مؤكدة أنه وفي معظم الطائرات يتنفس الركاب خلال الممر الواحد باستمرار مزيج من الهواء المعاد تدويره.
وأوضح التقرير أنه يتم نفخ الهواء من مجاري السقف كما يجري امتصاصه من خلال فتحات بالقرب من الأرضيات، ثم يطلق نصف الهواء الذي يتم امتصاصه من الطائرة ويعاد النصف الآخر إلى المقصورة.
كيف يتشكل الخطر؟
بمساعدة الباحثين، قام المعنيون على التقرير بمحاكاة أكثر من مليوني جزيء هواء لفهم كيفية تدفقها داخل المقصورة، وكيف يمكن أن تشكل العناصر الفيروسية المحتملة خطرا، فأفاد الخبراء بأن الهواء يتجدد تقريبا كل دقيقتين إلى 3 دقائق، وهو معدل أعلى مما يحدث في متاجر البقالة والأماكن الداخلية الأخرى، مشيرين إلى أن ذلك يعد أحد الأسباب إضافة إلى بروتوكولات السلامة التي تعزى إليها عدم وجود إصابات موثقة على الرحلات الجوية.
كما أوضحوا أن علو الطائرات يسمح للهواء الجديد والقديم على الاختلاط بالتساوي بهدف تقليل جيوب الهواء التي يمكن أن تصبح قديمة أو باقية لفترة طويلة.
إلا أنهم شددوا على أن هذه التطمينات لا تعني أن الرحلات الجوية أصبحت آمنة تماما لأن هناك تحديات أخرى أمامها.
ماذا لو عطس أحد؟
شرح الخبراء أنه ماذا يحدث حين يعطس شخص يرتدي قناعا على متن الطائرة، وقالوا إنه عندما يهب الهواء من الجانبين تتحرك الجزيئات نحو الممر، حيث تتحد مع الهواء من الصف المقابل، وأشاروا إلى أن الجسيمات ليست جميعها بالحجم ذاته، مؤكدين أن معظمها لا يحتوي على مادة فيروسية معدية.
إلا أن اللافت ذكره أن هواء المعطس قد يزيد من احتمال استنشاق الجزيئات الفيروسية خصوصا لو كان الركاب القريبون لا يرتدون أقنعة حتى ولو لفترة وجيزة لتناول وجبة خفيفة مثلا.
للتصميم دور هام وطول الرحلة كذلك
وبحسب التصميم، يعد نظام التهوية جزءا لا يتجزأ من كيفية عمل الطائرة، حيث يتم تشغيله بواسطة المحركات التي تدفع الطائرة وتمتص باستمرار الهواء الخارجي الذي يتم ضغطه وتكييفه بعد ذلك للتحكم في درجة الحرارة.
كما يلعب الضغط دورا رئيسيا لأن الهواء عند ارتفاعات الطائرة يكون خفيفا وهو أمر جيد للطيران السريع، إلا أنه ليس جيدا لتوفير الأكسجين من أجل التنفس، بعد دخول الهواء إلى الطائرة وتكييفها ، تتسلق في النهاية الأنابيب الصاعدة إلى مجاري السقف التي تساعد على توزيع الهواء في المقصورة.
فيما يتم طوال الرحلة امتصاص هواء المقصورة بشكل دوري إلى تحت الأرض، ويخلط الهواء النقي مع المعاد تدويره.
كما تختلف أنظمة التهوية اختلافا طفيفا بين الطائرات، إلا أن لدى معظمها طرق ترشيح وإعادة تدوير متشابهة، فبمجرد سحب الهواء من المقصورة فإن الجزء الذي لن يتم إعادة تدويره يترك في الجزء الخلفي من الطائرة عبر صمام يساعد على ضبط ضغط الكابينة باستمرار.
التزم وانتبه واحرص
يشار إلى أن كيفية تدفق الهواء في الطائرات ليس الجزء الوحيد من معادلة السلامة بالنسبة للسفر، فوفقا لخبراء الأمراض المعدية، قد تكون احتمالية التعرض للإصابة عالية بنفس القدر إن لم تكن أعلى عندما يكون الأشخاص في صالة الوصول، أو يجلسون في مطاعم ومقاهي المطار أو عند المرور بخط الأمان.
ومع تزايد عدد المسافرين عبر ما يقرب من 1.5 مليون شخص عبر المطارات الأميركية يوم الجمعة الماضي، فإنه يمكن أن يصبح الزحام في أجزاء من المطار التباعد الجسدي تحديا أكبر.
إلى ذلك، وجد باحثو جامعة هارفرد أن المطارات تختلف من حيث الحجم وعدد الركاب والتكوينات، ويمكن أن يزيد ذلك من فرص التعرض للإصابات اعتمادا على مكان بقاء الأشخاص وطول المدة، وكذلك يمكن أن يكون الذهاب إلى المطاعم داخل المحطة محفوفا بالمخاطر بسبب إزالة الأقنعة بشكل روتيني والاحتفاظ بها لتناول الطعام.
وعلى الرغم من أن بعض المطارات قد قامت بتركيب أنظمة ترشيح جديدة أو إضافية، إلا أن الباحثين وجدوا أن العديد منها لم يتم تصميمه للتخفيف من انتشار مسببات الأمراض التنفسية المحمولة جوا، مشددين على أن الابتعاد واليقظة وممارسات السلامة الأخرى لا تزال ضرورية.
تأكيدا على ذلك قالت ساسكيا بوبيسكو ، عالمة الأوبئة المتخصصة في الوقاية من العدوى: "التحدي ليس فقط على متن الطائرة.. ضع في اعتبارك المطار والرحلة بأكملها".