الدولة الاسلامية...مباديء و خصائص
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم في سورة آل عمران) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (64).
القول في تأويل قوله :
1- جاء في التفسير العام (قل) ، يا محمد (ص)، لأهل الكتاب، وهم أهل التوراة والإنجيل (تعالوا)، هلموا إلى كلمة (سواء)، يعني: إلى كلمة عدل بيننا وبينكم، والكلمة العدل، هي أن نوحِّد الله تعالى فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه، فلا نشرك به شيئًا.
وقوله تعلى (ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا)، أي: ولا يدين بعضُنا لبعض بمعصية الله..
2- اختلف أهل التفسير فيمن نـزلت فيه هذه الآية.
فقال بعضهم: نـزلت في يهود بني إسرائيل الذين كانوا حَوالى مدينة رسول الله (ص). وقال آخرون: بل نـزلت في الوفد من نصارى نجران.
3- جميع الأنبياء إنما بعثوا لدعوة الناس إلى التوحيد و رفض كل ما يعبد من دونه، ورفض الشرك ورفض كل أشكال الأرباب، وهذا يعني رفض حالة الاستغلال والاستعباد من قبل طاغوت او فئات، وهو ما كافحوا من أجله ومن كان معهم بصدق من أجل تحرير الإنسان، وذلك بالتصدي لكل اشكال تلك الأرباب الطاغوتية والبشرية على الخصوص، ومنع استغلال الناس او ظلمهم بعضهم لبعض واستغلال بعضهم لبعض...
4- ان كلمة العدل الإلهي وكلمة الفطرة الإنسانية والناموس العام الذي جبل عليه الناس يمكن ان يكون لهم الدستور وهو الميثاق العام الذي يتساوون أمامه فلا أحد فوق القانون والعدل الالهي، فالناس سواسية أمام كلمة العدل.
5- فالدستور يمنح لكل إنسان حقه دونما حيف ولا اجحاف (كلمة سواء) وهذا الحق يمنع تماما من استعباد الناس او استغلالها شخص ذى نفوذ او حتى جماعة، فلا يحق له او لهم أن يأمروا الاخرين بارتكاب معصية او أثم او ظلم للانسان، ولا يحق لأحد أن يقول انا ربكم الأعلى فيستعبدهم، وقد خلقهم الله أحرارا، ولا يحق ان يستغل الأقوياء الناس الضعفاء، او يظلمون او يظلم بعضهم البعض فلا فضل لأحدهم على الآخر إلا بمقدار ما يحسنه للناس دونما تمييز عنصري او طائفي او جنسي او أي شكل من أشكال التمييز والظلم، فالكل مسؤول أمام هذا الدستور العام (القائم على العدل الالهي) والفطرة الإنسانية عند كل البشر باختلاف مشاربهم.
إقرأ أيضارؤى سياسية قرانية.. ح 3 (وألف بين قلوبهم * لو انفقت ما في الأرض جميعا..)
6- الرسول الأكرم (ص) قد أعطى كل ذي حق حقه في حالات خاصة، من خلال عهد أو ميثاق خاص عقده مع من يخالفه في الدين، وقد أرسى دعائم العدل بشكل ان دساتير اليوم كلها قد دونت واستفادت من تلك المواثيق واعتمدتها في دستورها الدولي و في لوائح حقوق الانسان.
علي العلوي / قم المقدسة