في حديقة القرآن النباتية بالعاصمة القطرية الدوحة، ينتفي المفهوم التقليدي للمكان تاركا المجال لمفاهيم تختلف وتتعدد لتتقاطع عند أبعاد روحية وعلمية وبيئية تطرح نفسها مثالا يحتذى به في بقية أنحاء العالم.
حديقة تختزل معنى التفرد بأكمل تجلياته، حيث تجتمع فيها جميع النباتات المذكورة في القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة.
وبذلك، تعتبر الحديقةَ الأولى من نوعها في العالم التي توطن النباتات المذكورة بالقرآن والسُنّة، وتهدف إلى تعزيز ونشر المعرفة بالنباتات الواردة فيهما، والمصطلحات المرتبطة بها، ومبادئ صيانتها والحفاظ عليها.
وتعقيبا على مبادرة تمثل أحد مشاريع مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، اعتبرت مديرة الحديقة فاطمة بنت صالح الخليفي أن المشروع يرمي إلى تقديم مفهوم جديد في عالم الحدائق النباتية.
وأضافت أن تحقيق الهدف يمر من خلال عرض كافة أنواع النباتات والمصطلحات النباتية والبيئية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
مكان للتأمل
كما يهدف المشروع إلى أن تصبح الحديقة مركزا للتفكير والتأمل والتدبر في خلق الله من خلال الاهتمام بتعريف المجتمع -بجميع فئاته من الناطقين باللغة العربية وبغيرها، ومن المسلمين وغيرهم- بأنواع النباتات والمصطلحات النباتية، وإبراز مبادئ الشرعية الإسلامية السمحة الرامية إلى صون التنوع النباتي.
وعلاوة على البعد الديني، ترمي الحديقة إلى تسليط الضوء على أهمية صون الموارد النباتية، وكيفية المحافظة على المصادر الطبيعية والبيئية، وإبراز تعاليم الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى المحافظة على الإنسان ومقدراته وحماية الأرض، حفاظا عليها لأجيال المستقبل.
تضم الحديقة 59 نوعا نباتيا مذكورا في القرآن الكريم والسنة النبوية. ووفق فاطمة الخليفي، ورد ذكر عشرين نوعا في القرآن الكريم، بينها نباتا الزقوم والضريع، وهما من النباتات الغيبية التي لا يعلمها إلا الله، في حين أوردت السنة النبوية المطهرة ذكر 52 نوعا من النباتات، 39 منها ذكر في صحيح السنة ولم يذكر في القرآن الكريم.
وعلاوة على ما تقدم، للحديقة أيضا مشاتلها في مؤسسة قطر، بنحو 6825 نبتة من أشجار وشجيرات وعشبيات معمرة، وأخرى حولية من بيئات جغرافية ومناخية متباينة، مثل النباتات الصحراوية ونباتات المناخ المعتدل والنباتات الاستوائية.
ومن بين النباتات التي تضمها الحديقة؛ الخردل والعصفر والكمون والشعير والعدس والحبة السوداء والأرز، إضافة إلى السمسم والقمح والبصل والكراث والثوم والقثاء والقرع العسلي والبطيخ والدباء واليقطين والسعدان والسلق وغيرها.
أما النباتات المعمرة، فتشمل القتاد والإذخر والحنظل وسنامكي وقصب الذريرة والقسط والزعفران والبردي والزنجبيل والزرنب إضافة إلى الصبار والريحان.
تعاون دولي
في سياق متصل، أشارت مديرة الحديقة إلى وجود رؤية لتطبيق المشروع بدعم من الدوحة في دول أخرى، لافتة إلى أن إطلاق اسم "حديقة القرآن النباتية" يتماشى مع رؤية مؤسسة قطر ورسالتها الرامية إلى تعزيز العلوم والثقافة والتعليم وتنمية المجتمع محليا ودوليا.
ويتعاون القائمون على الحديقة مع العديد من المؤسسات حول العالم لدعم وصون النباتات المذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، بانتظار قطف ثمرة هذا التعاون قريبا، وفق فاطمة الخليفي.
ولفتت إلى "وجود اتفاقيات عديدة أبرمتها الحديقة مع مؤسسات داخل دولة قطر أو خارجها، بهدف تعزيز التعاون والعمل المشترك في إطار حماية البيئة والطبيعة".
ومن أبرز الاتفاقيات؛ اتفاقية تعاون مشترك مع الحدائق النباتية الملكية في بريطانيا، وبروتوكول تعاون مشترك مع إدارة البحوث الزراعية بوزارة البلدية والبيئة في قطر.
كما أبرمت الحديقة اتفاقية مع مركز الدراسات والعلوم الاجتماعية في جامعة قطر، بالمشاركة مع الحدائق النباتية الملكية في مدينة إدنبره بالمملكة المتحدة.
وإلى ذلك، تضاف اتفاقية تفاهم مع رابطة الشبهانة البيئية في قطر، ومذكرة تفاهم مع المؤسسة الإسلامية للثقافة في إسبانيا، واتفاقية تفاهم مع المتحف الوطني بمدينة سان بطرسبرغ الروسية، وفق المسؤولة.
أدوار مختلفة
بالنسبة لفاطمة الخليفي، تلعب الحديقة عدة أدوار رئيسية حيال المجتمع، منها الدور التعليمي، حيث تقدم برنامجا تعليميا فريدا في قطر يهدف إلى إنتاج معلومات أساسية وتطبيقات عملية حول النباتات والبيئة، لمختلف الفئات العمرية.
أما الدور الثاني، فيشمل البيئة حيث تضم الحديقة أنواعا نباتية مختلفة جُمعت من مناطق عدة في العالم.
وللحديقة أيضا دور ثقافي تتبنى من خلاله إحياء التراث الثقافي باعتباره هدفا جليا لديها، فهي تركز على الاستخدامات التقليدية للنباتات ودورها في حياة الإنسان.
كما تقوم الحديقة بدور ترفيهي، حيث تتسم بالتفرد في تصميمها ومحتوياتها، وتهدف إلى أن تكون الوجهة الأولى لكافة أفراد الأسرة، لا سيما الأطفال والطلاب الذين يمكنهم أن يجدوا في أنشطتها المتعة والمعرفة معا.
المصدر : وكالة الأناضول