ويقف المسجد على تلة صغيرة تحت سفح جبل في بلدة كريتر (أعتق بلدة في عدن)، ويعرف بلونه الأبيض وقبابه ذات الشكل اللافت والمميز، ويعود تاريخه لأكثر من 500 عام، ولمكانته التاريخية استخدمت صورته على بعض الطوابع البريدية لعدن قديماٌ.
نداءات استغاثة
توالت نداءات الاستغاثة مؤخراً إلى المنظمات الدولية للإسراع بإنقاذ هذا المعلم التاريخي الذي يمر بمنعطف خطير وسيئ نتيجة ظروف العدوان (السعودي-الامريكي) التي جعلت السلطات تواجه صعوبات في جمع الأموال اللازمة لصيانة المواقع الأثرية في البلاد.
وحذر رمسيس حسام الدين -وهو أحد القائمين على المسجد- من أن المبنى في خطر ومعرض للانهيار على رؤوس المصلين بأي لحظة في حال عدم الاستجابة بسرعة للترميم، وقال "إنه تواصل مع منظمات دولية لإعادة ترميمه لكنه لم يجد استجابة حتى الآن".
وأضاف أن "المبنى يعاني من تصدعات وتشققات كثيرة في الجدران والأسقف، وهذه التصدعات تتوسع وتزداد سوءا يوماً بعد يوم نتيجة تآكل الأخشاب الحاملة للسقف بفعل دودة الخشب وعوامل الزمن والأمطار والحرارة".
ويعد مسجد العيدروس من أشهر المساجد والمدارس الدينية الأثرية المهمة في عدن، ويؤمه كثير من السياح من زوار المدينة، ومثّل معقلا مهما للجماعة الصوفية باليمن ومقصداً لكثيرين من طلبة العلم من اليمن ودول شرق آسيا وأفريقيا على مدى 6 قرون متواصلة.
ويتميز المسجد بتصميمه على الطراز الهندي، ويعتبر من المساجد اليمنية ذات الأروقة كثيرة الأعمدة، ولا يوجد فيه صحن (فناء) أوسط، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1484 (899 هجري) وفقاً لمسؤول قسم التاريخ في مركز الإبداع الثقافي بعدن عبد القادر الحوت المحضار.
وينسب المسجد إلى اسم من أشرف على بنائه وهو أبو بكر بن عبد الله العيدروس، وهو أحد أبرز مشايخ الطرق الصوفية في اليمن، قدم إلى عدن من مدينة تريم في حضرموت، وكان أول عمل يقوم به هو تشييد هذا المسجد، وجعله مكاناً للتدريس ومناقشة العلم ومدارسته، وقبره موجود إلى الشمال من المسجد.
ويتكون المسجد من قاعة كبيرة تقام فيها الصلاة وجزء آخر مخصص للوضوء، إضافة إلى أجنحة وملاحق إيواء لطلبة العلم، وتعلو سقفه قبة كبيرة تغطي حجرة مربعة تحتوي بداخلها على توابيت خشبية هي قبور وأضرحة للإمام العيدروس وأفراد من أسرته.
ويشير المحضار إلى أن المسجد كان في بداية الأمر عبارة عن مسجد صغير، ثم أعيد بناؤه سنة 1519 (925 هجري)، وجددت عمارته أكثر من مرة خلال القرنين الـ11 والـ12 الهجريين، وكان آخرها في منتصف القرن الـ13.
ورغم مرور نحو 560 عاماً لا يزال العديد من سكان عدن يحيون ذكرى قدوم هذا العالم إليها عبر احتفال سنوي في كل عام تتم فيه زيارة المسجد وتزيين وإضاءة الشوارع والأحياء المؤدية إليه، وتوزيع الحلويات والتمور والهدايا على الزائرين.