قبسات قرآنية (46 ).. ما هي آخر آية كريمة للرسالة المحمدية ؟

الأحد 14 مارس 2021 - 09:29 بتوقيت غرينتش
قبسات قرآنية (46 ).. ما هي آخر آية كريمة للرسالة المحمدية ؟

القرآن الكريم-الكوثر: اجمع المسلمون على أن أول آية نزلت من القرآن الكريم على رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) في غار حراء هي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (العلق:1)، في اليوم السابع والعشرين من شهر رجب الأصب، فما هي آخر آية نزلت على النبي الكريم ؟

الجواب : إن آية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة : 3) هي آخر آية من الآيات التشريعية التي نزلت على رسول الله (ص) ، ولكنها ليست آخر آية نزلت من القرآن الكريم .

فآخر آية نزلت ، حسب قول الرواة، هي في آخر سورة البقرة ، وهي قوله تعالى : {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } (البقرة : 281).

وبعضهم قال آخر آية نزلت آية الربا، وبعضهم قال آية الدين، وبعضهم قال آية الكلالة، وكل هذه آيات تشريعية لا يعقل أن تنزل بعد قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة : 3].

متى نزلت آية : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} (المعارج : 1) ؟

وهناك سؤال آخر: متى نزلت آية: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}، وفي آية مناسبة؟ وهل نزلت بعد الآية : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }؟.

الجواب: إن آية النعمة، وهل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} (المائدة : 3) نزلت في حجة الوداع ، وذلك بعد أن أمر الله نبيه (ص) بتنصيب خليفته على المسلمين ، معتبراً أن لهذا الامر من الأهمية بحيث يعادل تبليغ الرسالة كلها، لأن الرسالة بعد النبي (ص) غذا إذا لم يحفظها وليها الشرعي المنصب من الله تعالى تضيع سدى. فنزلت الآية التي تأمره بتبليغ هذا الامر الجوهري ، الذي سيصعب على الكثيرين من ضعفاء الإيمان قبوله، مثلما صعب عليهم قبول نبوة محمد (ص) من قبل، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة : 67) ، فجمع النبي (ص) الناس فور نزول هذه الآية، وهم راجعون من حجة الوداع، في مكان اسمه [غذير خم] ، وقال لهم (صلى الله عليه وآله) : (إني قد دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد حان مني خفوق من بين أظهركم، وإني مخلف فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض) .

ثم نادى (ص) بأعلى صوته : (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ )

قالوا : اللهم بلى .

فقال (ص): (فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) .

وبعد ان اتم الله تعالى رسالة النبي محمد (ص) بولاية الإمام علي (ع) نزلت آية النعمة : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }.

واما آية : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } فقد نزلت بعد الآية السابقة. وذلك ان احد المنافقين ويدعى (النعمان بن الحرث الفهري) بلغه تنصيب النبي (ص) للإمام علي (ع) خليفة على المسلمين في غدير خم، وكان يكره علياً فأنكر ذلك، فأنزل الله به العذاب السريع ورجمه بحجارة من السماء.

إقرأ ايضا: قبسات قرآنية (45 ).. أول آية للبعثة النبوية (إقرأ باسم ربك الذي خلق)

وجاء عن الامام جعفر الصادق (ع) في تفسير قوله سبحانه : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ  لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } قال (ع): لما نصب رسول الله (ص) علياً (ع) يوم غدير خم، وقال : (من كنت مولاه فعلي مولاه ...) ، طار ذلك في البلاد. فقدم على النبي (ص) النعمان بن الحرث الفهري، فقال: امرتنا عن الله ان نشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله، وأرمتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة ، فقبلناها . ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام ، فقلت: (من كنت مولاه فعلي مولاه) ، فهذا شيء من عندك ام امر من الله؟ فقال (ص): والله الذي لا إله إلا هو، ان هذا من الله . فولى النعمان بن الحرث وهو يقول : (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء) . فرماه الله بحجر على رأسه فقتله ، وانزل الله تعالى قوله : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} (المعارج : 1، 2). وهنا يتبين ان آخر آية قرآنية شريفة نزلت على النبي محمد (ص)

كانت في قوله تعالى : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} (المعارج:2،1) .