وكان السؤال مفتوحا عما إذا كانت هذه المشكلات ناجمة عن إصابة الفيروس للقلب، أو استجابة التهابية للعدوى الفيروسية في أماكن أخرى من الجسم. وهذه التفاصيل لها آثار على فهم أفضل السبل لعلاج عدوى فيروس كورونا التي تؤثر على القلب.
وتقدم دراسة جديدة من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس دليلا على أن تلف القلب لمرضى "كوفيد-19" ناتج عن غزو الفيروس وتكاثره داخل خلايا عضلة القلب، ما يؤدي إلى موت الخلايا والتدخل في تقلص عضلة القلب.
واستخدم الباحثون الخلايا الجذعية لهندسة أنسجة القلب التي تشكل نموذجا للعدوى البشرية ويمكن أن تساعد في دراسة المرض وتطوير العلاجات الممكنة.
ونُشرت الدراسة في 26 فبراير في مجلة Journal of the American College of Cardiology: Basic to Translational Science.
وقال كبير المؤلفين كوري جيه لافين، الحاصل على الدكتوراه في الطب والمشارك في الدراسة: "حتى بعض الرياضيين الذين سُمح لهم بالعودة إلى ألعاب القوى التنافسية بعد الإصابة بكوفيد-19 أظهروا لاحقا ندوبا في القلب. وكان هناك جدل حول ما إذا كان هذا بسبب عدوى مباشرة للقلب أو بسبب استجابة التهابية جهازية من عدوى الرئة. دراستنا فريدة من نوعها لأنها تظهر بشكل قاطع أنه في المرضى الذين يعانون من كوفيد-19 الذين أصيبوا بقصور في القلب، فإن الفيروس يصيب القلب، وخاصة خلايا عضلة القلب".
واستخدم لافين وزملاؤه، بمن فيهم الدكتور مايكل إس دايموند، والدكتور هربرت إس جاسر، الخلايا الجذعية لهندسة الأنسجة التي تحدد كيفية تقلص أنسجة القلب البشرية.
وبدراسة نماذج أنسجة القلب هذه، توصلوا إلى أن العدوى الفيروسية لا تقتل خلايا عضلة القلب فحسب، بل تدمر وحدات الألياف العضلية المسؤولة عن تقلص عضلة القلب.
كما أظهروا أن موت الخلايا وفقدان ألياف عضلة القلب يمكن أن يحدث حتى في حالة عدم وجود التهاب.
ولطالما ارتبطت العدوى الفيروسية الأخرى بتلف القلب، لكن لافين قال إن فيروس SARS-CoV-2 فريد من نوعه في تأثيره على القلب، خاصة في الخلايا المناعية التي تستجيب للعدوى. وفي "كوفيد-19"، تهيمن الخلايا المناعية المسماة بالضامة والخلايا الوحيدة والخلايا التغصنية على الاستجابة المناعية. وبالنسبة لمعظم الفيروسات الأخرى التي تؤثر على القلب، فإن الخلايا التائية والخلايا البائية في الجهاز المناعي هي المهيمنة على الساحة.
وقال لافين: يتسبب كوفيد-19 في استجابة مناعية مختلفة في القلب مقارنة بالفيروسات الأخرى، ولا نعرف بعد ماذا يعني ذلك. وبشكل عام، تميل الخلايا المناعية التي تُرى تستجيب لفيروسات أخرى، إلى الارتباط بمرض قصير نسبيا يتم حله بالرعاية الداعمة. لكن الخلايا المناعية التي نراها في مرضى القلب في كوفيد-19 تميل إلى الارتباط بحالة مزمنة يمكن أن تكون لها عواقب طويلة المدى، لذا سنحتاج إلى مزيد من البحث لفهم ما يحدث.
وبعض من سبب صعوبة الإجابة عن هذه الأسئلة المتعلقة بالسببية في تلف القلب هو تعسر دراسة أنسجة القلب من مرضى "كوفيد-19". وتمكن الباحثون من التحقق من صحة النتائج التي توصلوا إليها من خلال دراسة أنسجة أربعة مرضى مصابين بـ"كوفيد-19" تلقوا إصابة في القلب مرتبطة بالعدوى، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث.
وأضاف لافين: حتى الشباب الذين ظهرت عليهم أعراض خفيفة للغاية يمكن أن يصابوا بمشاكل في القلب في وقت لاحق ما يحد من قدرتهم على ممارسة الرياضة. نريد أن نفهم ما يحدث حتى نتمكن من منعه أو معالجته. وفي غضون ذلك، نريد من الجميع أن يأخذوا هذا الفيروس على محمل الجد وأن يبذلوا قصارى جهودهم لاتخاذ الاحتياطات ووقف الانتشار، حتى لا يكون لدينا وباء أكبر من أمراض القلب التي يمكن الوقاية منها في المستقبل.