وقالت المفكرة والقيادية في حزب التيار الشعبي التونسي والبرلمانية السابقة مبارکة عواینیة براهمي في حوار أجراه معها موقع المؤتمر العالمي لمحبي أهل البيت(ع) حول حب أمير المؤمنين وأهل البيت(ع) لدى التونسيين: إن لأهل البيت عليهم السلام مكانة رفيعة ومحبة كبيرة في قلوب التونسيين لإرتباطهم عليهم السلام بنبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم.
واضافت: إن لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام حبا خاصا لإيمانه السريع وتصديقه العميق برسالة النبوّة وهو لايزال طفل صغير وانخراطه في نشر الدعوة المحمدية حتى تزوج سلام الله عليه من السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) وما تميزت به هذه المرأة العظيمة من محبة في قلوب المسلمين جميعا ومنهم الشعب التونسي.
جدتي كانت تحلف بالحسن والحسين(ع)
وقالت: لا أزالُ أتذكرُ منذ كنتُ طِفلةً صغيرة كيف كانت جدتي رحمها الله تعالى تحلف بالحسن والحُسيْن بعد قَسَمِها بالله تعالى.. وقد كانت بنات جيلها يقْسِمن أيضا بحقِّ السيد علي أو بحقّ الحسن والحسين أو فاطمة (عليهم السلام).
حبّ أهل البيت(ع)أمر تأريخي في تونس
وتابعت: إنّ التونسيين كانوا يتوسّلون بآل البيت عليهم السلام من أجل قضاء الحاجات وهُم مخلصون في محبتهم والولاء والعِرفان لهُم باعتبارهم حَمَلَةُ وصايا النبيّ ورسالته من بعده وهُم الأقربُ إليه دَمًا وأخلاقا وسُلوكا.. وهم من نقلوا عنهُ نهجهُ وسُنّتَهُ.. وهم حَمَلَةُ رايةُ الإسلام الذي افتدوه بدمائهم.
وقد ذكر أحمد ابن أبي الضّياف (مؤرخ وسياسي وإصلاحي تونسي عاش من سنة 1803 إلى 1874)..في كتابه [ إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان]:.. وأهلُ إفريقيّةَ يزينون بحُبِّ عليّ وآله، يستوي في ذلك عالمهم وجاهلهم جِبِلَّةٌ في طِباعهم، حتّى أنّ نِسوانهُم عند الطّلْقِ ينادين.. يا محمد، يا عليّ وقُوّةُ محبّةِ آل البيت مع الإعتراف بالفضل والمحبّة لغيرهم ليس من الرفضِ في شيء.
وقد ورد عن الإمام الشافعي : إذا كان رفضا حبُّ آل محمد فليشهد الثقلان أنّي رافضي.
عاشوراء لدى التونسيين هو يوم حزن وزيارة الموتى
ونوهت الى ان التونسيين كانوا يحيون ذكرى عاشوراء بطقوس مختلفة تُذكّرُ بالمأساة التي حدثت لآل البيت عليهم السلام فيتحلّقن حول قبور أحبّتهنّ ويبكين بحرقةٍ استحضارًا لفاجعة مقتل سيدنا الحسين عليه السلام وأهل بيته الطاهرين ، حيث يمتنع التونسيون عن جميع الإحتفالات العائلية.. فلا زواج ولا ختان للأولاد الصغار ولا حِنّاءَ ولا زغاريد عند ولادة طفلٍ جديد ولا أيّ مظهر من مظاهر البهجة في ذلك اليوم وكلُّ هذا، ميراث رسّخته و أكّدت عليه الدولة الفاطمية التي حكمت المنطقة (إفريقيّة والمغرب) ما بين القرنين 10 و11 ميلادي.
ولفتت الى ان الوهابيين يُعارضون مظاهر الحزن معتبرين أنها تطرّفًا فدعوا إلى عادة جديدة تتمثل في وضع الكحل في العيون إيحاءًا بمحو آثار الدموع والبكاء، كما تزدهر الحركة التجارية بكثافة ايام عاشوراء وينشط البيع والشراء لدى الوهابية.
واشارت الى انه في العقود الاخيرة وبعد الاستقلال حارب الرئيس الأول للجمهورية الحبيب بورقيبة كل مظاهر التدين بالبلاد وعادى معتقدات التونسيين وموروثهم الديني مما جعل العديد من العادات الموروثة تندثر ولم يتمسك بها الا عدد قليل من التونسيين.
محبة أهل البيت(ع) في الأدب التونسي
واوضحت: إنّ الأدب التونسي في عهد بناء الدولة الإسلامية لم يكن أمويّا بصورة كليّة بل إن أغلبه كان أدبًا إسلاميّا أصيلا شيعيّا بعيدا عن التفاهة والمجون.. فهناك مدائح في حق الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء عليهما السلام إلى جانب المراثي الحسينية وهي ثقافة إسلامية ترسّخت منذ عهد الدولة الفاطمية.
فقد قال العلامة الشاعر سيدي ابراهيم الرياحي :
إلهي قد سألتك بالنّبيِّ
وفرعِ الطّهر بالحسن الوليِّ
بمولانا الحسين ومن قد أضحى
شهيدا من يد الشمر الشقيِّ
بزين العابدين ومن تسمّى
عليّا وهو ذو القدر العليِّ
بمن بقر العلوم وكان فردا
محمد الزكيّ ابن الزكيّ
بصادقنا المسمّى في البرايا
بجعفرنا أخ السرّ الجليِّ
بموسى الكاظم الشهم الذي قد
سمى في الخلق بالخُلُق السنيِّ
بمن في طوس قد أضحى دفينا
أبي الحسن الملقّب بالرضيّ
بمن قد فاق في أدب وعلم
محمّد الملقّب بالتقيّ
بذاك السيد الهادي عليّ
حميد الفعل ذي العرض النقيّ
بمولى الفضل بالحسن المسمّى
بسلطان الكرام العسكريِّ
بخاتم أولياء الله جمعا
بمهدي الزمان الهاشميِّ
أدم لي حب أهل البيت حتى
أموت عليه بالعهد الوفيِّ
وأكدت: في الحقيقة، فإن المحبة والتبجيل لعِترة النبي الحبيب وآله عليهم السلام.. هي محبة راسخة في ضمائر التونسيين وفي أخلاقهم وادابهم.. في الشعر والنثر الذي يتغنّى بامجاد آل البيت وبطولاتهم.
وختمت بقولها: تونس ذات الثقافة الفاطميّة لا تتخلى عن أسيادها وابطالها من عِترة آل البيت ولن يستطيع أعداء الإسلام وادواتهم الإستعمارية والحركة الوهابية التكفيرية المعادية لآل البيت الطاهرين اقتلاع هذا الولاء من قلوب التونسيين.