سموت وأنت سر في اعتقادي *** بمنزلة الشغاف من الفؤاد
و رمز للأصابة و التسامي *** و فيض للإحاطة و السداد
وكنز من كنوز العلم أضفي *** على الآفاق باب الإجتهاد
و ركب من فتوة هاشمي *** حثيث الخطو، صلب الإنقياد
ركينا... لم تزلزله الرزايا *** و قد لاقى صنوف الإضطهاد
وتعركه الصروف فيحتويها *** حديد الطرف، ممتنع الرقاد
يدير الحق في عزو و حزم *** ويمضي الأمر في أي اعتداد
لقد نفست بك الدنيا فريدا *** فحزت المجد فيها بانفآراد
تعج بك المآثر و المعالي *** و تفتخر الحواضر و البوادي
رأى التاريخ فيك عميد قوم *** رفيع الشأن منتصب العماد
فقلدك الخلود.. و كنت فذا *** بعيد الغور، رحب الإمتداد
تجلى نورك الألق انقيادا *** فغطى كل نور و اتقاد
فأنت لكل وكروة فتاها *** و أنت الصوت فيها والمنادي
سليل محمد، و جنى علي *** و صنو طريف مجد و التلاد
فما ( سقراط ) إلا مستمد *** لحكمتك المنوطة بالرشاد
و(رسطاليس) قد قصرت يداه *** و(أفلاطون) دونك في العداد
وكل فضيلة رسمت.. تنادي *** بفضلك و الشمائل و الأيادي
أراد الله رفعك سرمديا *** فأنى تستطيل يد العباد
و أنى يستعيد الشعر معنى *** و أنت بكل معنى مستعاد
إذا الأحباب قد منعوا مقالا *** فقد نشرت فضائلك الأعادي
وإن حبس اللسان القول عيا *** فمجدك ناطق في كل نادي
وإن عصفت بمغناك الرزايا *** فذكرك سائر بين البلاد
تؤم ضريحك الأرج المندي *** وفود الله من حضر و بادي
فيعمر بالصلاة و بالتناجي *** و يزهر بالدعاء و بالسهاد
كأن المسك ضمخ جانبيه *** بأشذاء الروائح و الغوادي
يباكره الندى غضا نديا *** ويسقي روضه صوب العهاد
أبا الهادي سلام الله يسري *** على تاريخك النضر المعاد
وعمر بالصلاح قضى شبابا *** ذخيرته المزيد من الجهاد
كأن الخمسة العشرين عاما *** حياة معمر صلب القياد
كشفت بها عن الأمد المجلي *** و طلت بها الجياد من الطراد
سديد الرأي.. لم تهدأ عصوفا *** يحيل رؤى الطغاة إلى رماد
ويعتصر النضال يجف عودا *** ليوريه بأي شبا زناد
و يدفع بالضمير و قد تهاوى *** إلى لقيا مراح مستراد
إلى كنف الرجولة و المعالي *** و أروقة المروءة و النجاد
فكان النبل مندفعا سيولا *** وكان الفضل يزحر بازدياد
و سار العلم في ركب وقور *** صليب العود، مخضر المداد
فللتاريخ ما أبقى جهاد *** و للأجيال أصداء الجلاد
لقد ضمدت جراح الدين فيه *** وهل تؤسى الجروح بلا ضماد
فأنت العروة الوثقى بحق *** وحصن الله في الكرب الشداد
وباب للحوائج... جئت أسعى *** إليه، فطاب لي نيل المراد
وسرت على خطاه بلا انحراف *** وصرت على هداه بلا ارتداد
على باب (الجواد) أنخت ركبي *** فكان الفتح في باب الجواد
و لا عجب فقد قالوا قديما: *** (وفدت على الكريم بغير زاد)
إقرأ ايضا: هم سادة الدنيا... قصيدة بالذكرى المباركة لميلاد الإمام الجواد عليه السلام