هي فاطمة بنت حزام أبو المحل بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب .
وأمّها تمامة بن سهل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب .
ولدت على الأرجح بعد الهجرة بخمس سنين ، وتوفيت في 13 جمادي الثانية يوم الجمعة عام 64 بعد استشهاد الامام الحسين (عليه السلام) ، على ما تذهب إليه بعض الروايات .
أولادها
رزقت من علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أربعة بنين :
1ـ العباس بن علي بن أبي طالب : المولود 4 شعبان 26هـ .
2ـ عبد الله بن علي بن أبي طالب : عمره يوم الطفّ خمس وعشرون سنة .
3ـ عثمان بن علي بن أبي طالب : كان يوم الطفّ ابن ثلاث وعشرين سنة .
4ـ جعفر بن علي بن أبي طالب : وهو أصغرهم يوم الطفّ .
قومها
لا يختلف اثنان في شجاعة قومها وبسالتهم ، ونجدتهم وإقدامهم في ساحة الحرب والميدان ، فمنهم : مالك بن البرّاء ملاعب الأسنة . ومنهم : عامر بن الطفيل ، وهو يضمّ الكرم والسخاء إلى النجدة والفروسية ، وفي قول عقيل لأخيه الإمام علي (عليه السلام) لمّا أراد الزواج ، فأشار عليه بأم البنين .
قال الإمام علي (عليه السلام) مخاطباً عقيل ، وكان نسّابة ، عالماً بأخبار العرب وأنسابهم : (( أبغني امرأة قد ولدتها الفحول من العرب ؛ لأتزوّجها فتلد لي غلاماً أسداً )) ، فقال له عقيل : أين أنت من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية ؟ فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس .
ما جاء في سمو شخصيتها
لمّا دخلت بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت ترعى أولاد الزهراء (سلام الله عليها) أكثر ممّا ترعى أبناءها ، وتؤثرهم على أولادها ؛ تعويضاً لما أصابهم من حزن ، وفقدان حنان لموت أمّهم الزهراء البتول .
وقالت يوماً إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يا أبا الحسن : نادني بكنيتي المعروفة ( أم البنين ) ، ولا تذكر اسمي ( فاطمة ) ، فقال لها الإمام (عليه السلام) : (( لماذا؟ )) قالت : أخشى أن يسمع الحسنان ، فينكسر خاطرهما ، ويتصدّع قلبهما لسماع ذكر اسم أمّهما ( فاطمة ) .
فأيّ امرأة جليلة مؤمنة ، صابرة صالحة وقور هذه المرأة ( طيّب الله ثراها ، ونوّر ضريحها ) ؟
لذا صار لها جاه عظيم ، وشأن كريم عند الله ، وعند رسوله ، وأهل بيته الغرّ الميامين ، فما توجّه إنسان إلى الله العلي العظيم وسأله بحقّها إلاّ قضيت حاجته ، ما لم تكن محرّمة ، أو مخالفة للمشيئة الإلهية .
ولذلك أغرم الناس بها ، وخاصّة أهل النجف ، فتراهم يعقدون المجالس ، ويطعمون الطعام ، ويوزعون الحلوى في ثوابها .
ومن باب عرفان الجميل ومقابلة الإحسان بمثله فقد ورد عن الزهراء (سلام الله عليها) يوم الحشر تخرج من تحت عباءتها كفين مقطوعين ، وهما كفّا أبي الفضل العباس (عليه السلام) وتقول : (( يا عدل يا حكيم ، احكم بيني وبين مَنْ قطع هذين الكفّين )) .
ولمّا دخلت السيّدة زينب (سلام الله عليها) المدينة بعد استشهاد الامام الحسين ، والرجوع من السبي والتقت نظراتها بنظرات أمّ البنين صاحت : وا أخاه ! وا عباساه ! فأجابتها أمّ البنين : وا ولداه ! واحسيناه !
وأمّا ما ورد في شأن عبادتها وصلاتها ، وتوجّهها إلى الله ، وتفويض الأمر إليه ، فهو شيء جليل مهمّ في سلوك هذه المرأة الحرّة الشريفة الكريمة ، ذات الجذر الكريم الأصيل في شتى المكارم والفضائل والسجايا الطيّبة .
يقول أحد الدارسين لشخصيّة أمّ البنين (سلام الله عليها) : إنّ سير العظماء في تاريخ الإسلام ، أعلام إنسانيّة باذخة ، يكبرها لمسلم وغير المسلم ، وإنّ أمّ البنين كانت أقوى جرأة وشجاعة ، وأصلب المؤمنات على تحمّل الصعاب ، تطلب المجد والكرامة ، والمجد لا ينال إلاّ بالمصاعب ، وركوب المخاطر ، والتضحية والاستبسال .
لقد كانت أمّ البنين القدوة الحسنة ، والمثل الأعلى الذي يُحتذى به، وكانت عنواناً للثبات والإخلاص ، والبسالة والتضحية ، والفداء والشرف ، والعزّة والكرامة في سبيل الحقّ والعدالة .
هذه السيّدة المصون ما إنْ بلغها مقتل الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء حتى خنقتها العبرة ، فكانت تبكي بكاء الثكالى ، صباح مساء ، تعبيراً عن مشاعرها وأحزانها . فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، وليضجّ الضاجّون .
إنّ في حياة هذه السيّدة الجليلة أخباراً طريفة ، وآثاراً ممتعة ، جعلتها مثالاً صالحاً ، وقدوة حسنة في المعارف والصلاح ، وإجابة لله وللرسول الكريم حين أمر محمداً (صلّى الله عليه وآله) بودّ أهل البيت وحبّهم ، وولايتهم والاتّباع لهم ، والتمسّك بعروتهم .
وجدير بكلّ مسلم أنْ يتبع ، ويتمثل أمر ربّه ، وأمر رسوله الناصح الأمين ، وأن لا يعدل عن هذا الأمر قيد أنملة .
وثمّة شيء ينبغي أن يعرف ، وهو قد كان لسعة اطّلاعها في الأمور ، وإخلاصها الكريم ، وماضيها المجيد ، أثر حاسم في تعلّق الناس بها ، وثقتهم ومحبّتهم التي لا حدّ لها بشخصها ، فاستطاعت بحكمتها وصبرها ، وبُعد نظرها التغلب على كلّ الصعاب .
وهذا إنْ دلّ على شيء فإنّما يدلّ على حنكتها وجلدها ، ومعدنها الأصيل ضمن إطار الأخلاق العربية ، والتربية الإسلامية الأصيلة ، وتقاليدها في التعامل مع الجمهور في احترامها لهم ؛ لأنّ المرأة عظيمة المنزلة عند أمير المؤمنين (عليه السلام) في العلم والحلم ، والمعارف والصلاح . عظيمة المنزلة عند الناس .
ويظهر للمتتبّع لأخبار أمّ البنين انّها كانت مخلصة لأهل البيت ، متمسّكة بولايتهم ، عارفة بشأنهم ، مستبصرة بأمرهم ، فكانت هذه المبجّلة قد أضاءت طريق الإصلاح ، والإصلاح لحالها من دور مهمّ في أحداث التاريخ العربي والإسلامي .