قبسات قرآنية (24).. (فمن زحزح عن النار وأدخِل الجنة فقد فاز)

الخميس 7 يناير 2021 - 08:01 بتوقيت غرينتش
قبسات قرآنية (24).. (فمن زحزح عن النار وأدخِل الجنة فقد فاز)

القرآن الكريم-الكوثر: يقول آية الله السيد عبد الأعلى السبزواري «قدس سره» في تفسير قوله تعالى: (فمن زُحزح عن النار وأدخِل الجنة فقد فاز) (آل عمران:185):

الزحزحة تكرير الزح، وهو الجذب بعنف وعجلة.

وهذه الآية الشريفة بعبارتها البليغة الموجزة، وأسلوبها الجذاب، لها الأثر العظيم في نفوس المؤمنين، والوقع الكبير عليهم، فإن عندها تسكب العبرات، وتحل المخاطر والمهالك، وتزل فيها أقدام الرجال، وتحط دون الوصول إليها الرحال، ويشيب في تصور معناها الصغير، ويهرم الكبير.

فهي تبين هول النار وشدتها، وأنها تجذب الإنسان إليها بعنف، فيحتاج إلى الجهد الكبير للابتعاد عنها، والفك من قيودها.

وتستوقفنا كلمة (زحزح)، فإنها تدل على شدة البلاء، والجهد الكبير، والمشقة العظيمة التي لابد منها في الابتعاد عن النار، فكأن لكل فرد جذورا عميقة في النار، لا يمكن بسهولة قلعها إلا مع الزحزحة ببذل جهد عظيم.

والوجه في ذلك معلوم، لأن الإنسان محفوف بما يجذبه إلى النار من جهات، فإن جاذبية الشهوات والنفس الأمارة بالسوء، اللتين تشدان الناس إلى النار شدا، والحجب الظلمانية التي حجبت النفس عن الكمال، كل ذلك تسوق إلى النار وتدفعه إليها، وهي تجذبه إليها جذبا عنيفا، وفي الحديث الشريف: (حفت الجنة، بالمكاره وحفت النار بالشهوات).

 فكل فرد من أفراد الإنسان فيه الموجبات الكثيرة للدخول في النار، قال تعالى:

(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) (مريم:71-72)، بناء على رجوع الضمير إلى النار.

ولذلك لابد من جهاد مرير، ومشقة عظيمة للابتعاد عن دائرة جذب النار، والانفلات من إسارها إلى أن يدخل الانسان في الجنة، فإن ذلك هو الفوز العظيم الذي لا نهاية لعظمته، إذ لا أجر في الحقيقة غير ذلك، والبقية خسران محض، لأن فيه السلامة من النار والنجاة منها، وقد كاد أن يبقى فيها، والسلامة عن المكروه أهم ما يطلبه المرء في جميع الأحوال، ناهيك أنه يدخل الجنة ويفوز بنعيمها الدائم في دار الخلود.

مواهب الرحمن في تفسير القرآن ج7 ص142.

إقرأ ايضا: