قبسات قرآنية (17).. (وبشّر الصابريـــــــن..)

الخميس 24 ديسمبر 2020 - 12:34 بتوقيت غرينتش
 قبسات قرآنية (17).. (وبشّر الصابريـــــــن..)

القرآن الكريم-الكوثر: قال تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز (وَبَشر الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) فالصبر هو تحمّل الإنسان لأمر مُحزن ومضر به يستدعي منه الجزع، ومقاومة الانسان لمعصية تغريه بلذتها، وتحمله لطاعة يرى مشقتها.

ان الله تعالى امر الانسان بالصبر وامر نبيه (ص) ان يبشر الصابرين، فيعتبر الصبر من اعظم أركان الايمان ودليل قوة العقل، فالحياة تتطلب من الانسان الصبر ومن افتقد الصبر سقط في الهاوية واصابته المهلكة.

قال تعالى مخاطبا نبيه الاكرم (ص)، (فاصبر وما صبرك إلّا بالله) فالصبر بالله سفينة فوق أمواج بحار الفتن والمحن وهو قمر هدى في سماء الايمان والتقى .

قال النبي محمد (ص): (إن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا).

وعنه (ص) قال: (من يتصبّر يصبّره الله ،.... ، وما اُعطي عبد عطاء خير وأوسع من الصبر).

وفلسفة الصبر تكمن في ثلاثة انواع متباينة:-

الأول: الصبر على المصيبة.

الثاني: الصبر على طاعة الله.

الثالث: الصبر على معصية الله.

فاما فيما يتعلق بالصبر على المصيبة فقد قال تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة 156).

وعن الامام محمد الباقر (ع)انه قال: (الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة ) .

وأما فيما يتعلق بالصبر على طاعة من طاعات الله فقد قال تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} .

وقد ورد عن امير المؤمنين (ع) انه قال: (إنّا وجدنا الصبر على طاعة الله أيسر من الصبر على عذابه)، فالأعمال العبادية كالصيام والصلاة جميعها  تستلزم من الانسان الصبر عليها فمن ضجر منها ولم يصبر عليها وعلى ما تصاحبه احيانا من المشقة  ضاعت منه وكان بذلك من الخاسرين.

وما فيما يتعلق بالصبر على المعصية فقال تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (آل عمران:146).

 وعن الامام علي (ع) في غرر الحكم ( بالصبر تُدرَكُ الرغائب ) فالإنسان حينما صبر على ترك المعصية يكون من الصابرين المبشرين بالفوز لأنه زكى نفسه عن الخطايا والمعاصي، وقد أفلح من زكاها، واما من لم يصبر فيسقط في هاوية المعاصي والخطايا والانحراف ويضر نفسه بذلك ومجتمعه.

وقد جاء عن الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) انه قال: (اصبر على طاعة الله واصبر عن معاصي الله فإنما الدنيا ساعة).

إقرأ أيضا: قبسات قرآنية (16).. (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ..)

 

 

فالصبر منهاجا تربويا واخلاقيا وإيمانيا يكلل من سار على نهجه بالظفر والفلاح ويمنحه القوة والتفائل مع كل اشراقة صباح، فيتحول الى منظومة من الأمل وقوة الشخصية المتزنة وصلابة الموقف تجاه الخير، ويعطي للإنسان زخما معنويا من التحدي في الحياة ومواصلة طريق الخير قدما نحو الخير وهو بوصلة تبين لصاحبها اتجاه طريق الصواب .