وأشارت إلی ذلك، رئیسة منظمة الوثائق والمکتبة الوطنیة في إیران خلال حفل افتراضي لإزاحة الستار عن کتاب "نا" الصادر من معهد "الشهید الصدر" للأبحاث لشرح سیرته وحیاته.
وشارك في الحفل کل من الباحث الديني الايراني والعضو في مجلس خبراء القیادة في إیران، "آیة الله الشيخ أحمد مبلغي"، ورئیسة منظمة الوثائق والمکتبة الوطنیة الايرانية "أشرف بروجردي"، و"مريم برادران" مؤلفة كتاب "نا".
وقالت السیدة أشرف بروجردی إن کتاب "نا" یتمتع بأبعاد فنیة تجعل منه کتابا خالداً وقیماً.
وأضافت أن العلماء یعتقدون أن البیئة تترك أثراً تربویاً بالغاً علی الإنسان بحیث تحدد مسیرة حیاته وفکره وأحیانًا عقیدته وهذا أیضاً ما یتفق مع المنظور القرآني.
وأردفت قائلة إن التوأم سیختلفان اذا ترعرع کل منهما في بیئة مختلفة عن الآخر وهذا دلیل علی أن الظروف الإجتماعیة تترك أثراً بالغاً علی الإنسان.
وأشارت إلی الآیة الکریمة " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" قائلة أن الآیة الکریمة تکشف عن أثر البیئة فی الإنسان.
وإستطردت رئیسة منظمة حفظ الوثائق فی إیران إن آية الله الشهید محمد باقر الصدر عایش کبار العلماء کـ السید الحکیم والسید بحر العلوم،کما أن حیاته تزامنت مع حزب البعث الذي كان مناهضاً للدین والتدین.
وأکدت أن کل هذه الظروف أدت إلی التوجهات الفکریة للشهید الصدر التي أصبحت الیوم مدرسة نتعلمها ونقتدي بها.
وقالت إن کتاب "نا" یخلو من الشرح المفصل للظروف آنذاك وللبیئة السیاسیة التي عاشها الشهید آية الله السيد محمد باقر الصدر.
وتحدثت کاتبة کتاب "نا" "مریم برادران" قائلة إنها من محبی الشهید الصدر وقامت بکتابة الکتاب من منظورها وبما توصلت إلیه من خلال متابعتها لفکر الشهید الصدر.
هذا ويذكر أن الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر ولد في مدينة الكاظمية في 25 ذي القعدة سنة 1353 هـ. أبوه السيد حيدر الصدر، وأمه بنت الشيخ عبد الحسين آل ياسين. جده آية الله السيد إسماعيل الصدر من مراجع تقليد في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر كان مرجعاً ومفسراً ومفكراً نابغاً، وقائداً عراقياً حيث درس العلوم الدينية عند كبار علماء الحوزة العلمية في النجف من أمثال السيد الخوئي، والشيخ محمد رضا آل ياسين. واستطاع أن يصل إلى مرتبة الاجتهاد في سنين مبكرة، وكان يعطي دروسا في البحث الخارج في حوزة النجف.
وقد كان مؤلفاً في مجالات مختلفة، كالاقتصاد الإسلامي، والفلسفة الإسلامية، وتفسير القرآن، والفقه، وأصول الفقه، إضافة لكتابه في نظرية المعرفة وهو الأسس المنطقية للاستقراء.
ولم يكن الصدر غائباً عن الحياة السياسية، فقد أسس حزب الدعوة الإسلامية، وأصدر فتواه الشهيرة بحرمة الانتماء لـحزب البعث الصليبي، كما أنّه أول من دعى إلى إسقاط نظام البعث.
من أجل عزل الشهيد آية الله السيد الصدر عن الناس، وقطع اتصال الناس به، فرض النظام البعثي الإقامة الجبرية على السيد الشهيد . واستمر الحصار نحو تسعة أشهر. خلال هذه الفترة حاول جلاوزة البعث أن يثنوا الشهيد الصدر عن أفكاره وأطروحاته في خصوص تأيده للثورة الإسلامية في إيران التي انتصرت على يد الإمام الخميني، ولكن الصدر ظل مدافعا عن الثورة الإسلامية وعن قائدها الإمام الخميني (رض).
وفي يوم 19 جمادى الأولى 1400 هـ تم اعتقال المرجع الديني السيد محمد باقر الصدر من قبل أجهزة المخابرات، ثم نقلوه من النجف إلى بغداد. وفي اليوم التالي تم اعتقال اخته العلوية آمنة الصدر (بنت الهدى). طلب برزان إبراهيم الحسن -الأخ غير الشقيق لصدام ، ومسؤول جهاز (الاجرام) الأمن العام- من الشهيد الصدر أن يكتب ولو بعض الكلمات ضد الإمام الخميني أو ضد الثورة الإسلامية حتى يتم إطلاق سراحه، وإذا لم يفعل هذا فسوف يقتل. وقد رفض الشهيد الصدر هذا الكلام وقال: إنني متأهب للشهادة، ولايمكن أن أفعل أي فعل لاإنساني ومخالف للدين. ولمّا يئس رجال الأجرام من استجابة الشهيد الصدر لمطالبهم، قاموا بتعذيبه إلى أن أستشهد السيد مع وأخته العلوية تحت التعذيب في يوم 9-4-1980 م.
وجاء في تأبين الامام الخميني (ض) للشهيد الصدر وأخته العلوية حين وصول خبر استشهاده: أن المرحوم أية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وشقيقته المكرمة المظلومة والتي كانت من اساتذة العلم والاخلاق ومفاخر العلم والادب، قد نالا درجة السعادة الرفيعة على ايدي نظام بعث العراق المنحط .. وذلك بصورة مفجعة.
فالشهادة ميراث ناله أمثال هذه الشخصيات العظيمة، من أوليائهم والجريمة والظلم، أيضا ميراث يناله امثال هؤلاء جناة التاريخ من اسلافهم الظلمة.
الاسلام على مفجر الثورة الاسلامية في العراق الشهيد السيد محمد باقر الصدر وعلى اخته العالمة الفاضلة العلوية بنت الهدى ورحمة الله وبركاته.