ويهابه الأطفال احتراماً فيحفظون كتاب الله على يديه، فيما يبقى هو مُستلقياً على كرسيه الذي لازمه مُنذ أُصيب بشلل في جميع أجزاء جسمه منذ أن كان في الـ17 من عمره.
ويعتبر البعض في القرية الصغيرة الشيخ إبراهيم معجزة قرآنية وهالة نورانية حلت على قريتهم، وربما يكون فعلاً كذلك، فالشيخ الذي أُصيب بالشلل في مقتبل شبابه لم يكترث بما ألمّ به، فمضى قُدماً في حياته راضياً بقضاء الله غير عابئ بما أصابته به المقادير.
ويقول الشيخ إبراهيم لـ«الرؤية»: «أبديت تفوقاً دراسياً منذ التحاقي بالتعليم الابتدائي، وكنت قد حفظت القرآن بكُتّاب القرية، وفي الصف السادس الابتدائي وأثناء حصة الرياضيات أحسست بألم فظيع في إحدى قدمي، نقلني زملائي للمستشفى هناك بدأت رحلة المرض، فانتقل الألم لكل أجزاء الجسم، ولم يتوانَ والداي عن إنفاق كل ما يملكانه في رحلة علاجي».
ويُضيف «زادت الآلام وزادت الأعراض ونحن لا نعرف ماذا يحدث ولا يستطيع الأطباء تحديد ما ألم بي، وانتهيت من دراستي الإعدادية ثم التحقت بالمرحلة الثانوية وكل هذا وأنا أصارع عدواً لا أعرف ما هو، وأثناء ذلك كنت أتابع حياتي بشكل عادي وأعمل مع والدي في التجارة، وفي الصف الثالث الثانوي لم أستطع الذهاب للمدرسة، ولكنني صممت على استكمال دراستي منزلياً، لكن بدأت آلامي تزيد، فأصبت بحالة نفسية سيئة وامتنعت عن الدواء خصوصاً عندما بدأت والدتي تتعلق بالعلاج الشعبي ظناً منها أن ما ألمّ بي جاء نتيجة عين حاسدة».
ومع زيادة الآلام والحالة النفسية السيئة فقد الشيخ إبراهيم قدرته على الحركة تماماً، وبدأت رحلة أخرى من العلاج بزيارة مُستشفيات القاهرة المُتخصصة في مثل حالته، وأثناء ذلك كان يستذكر ما حفظه من آيات الذكر الحكيم بالاستماع لإذاعة القرآن الكريم، والقراءة المُستمرة بالمصحف الشريف.
ويُضيف «كنت أتابع كل التلاوات لكل المشايخ، وأستمع للمصحف المُرتل وبرامج أحكام التلاوة، كان القرآن بمثابة طوق النجاة لي فتعلقت به، صبّرني الله عز وجل بفضل القرآن، وبعد هذه الرحلة التي حظيت فيها بدعم كل أهل قريتي إلى أن سلمت الأمر لله عز وجل، وشُخصت حالتي بتيبس في المفاصل مع (روماتيد) مُسيطر على كل مفاصل الجسم، فأجريت عدداً من العمليات الجراحية كي أستطيع الجلوس على كرسي متحرك، ورغم أن البعض نصحني بالسفر للنمسا للعلاج، إلا أنني قد رضيت بما قسمه الله لي».
وبعد وفاة والدة الشيخ إبراهيم مع آلام مرضه أصر على ملازمة المُصحف وإتمام حفظه لكتاب الله كاملاً، ولم يكن في الحسبان أن يفتتح كُتاباً يتخرج منه مُحفظون ومحفظات لكتاب الله.
ويُتابع كان الكرسي المُتحرك وسيلتي للخروج للناس، وكان القرآن الكريم وسيلتي للصبر على البلاء، فدخلت في مشروع تجاري لبيع الخضار والبطيخ، مع ترتيل القرآن وحفظه حتى بدأ يتسلل للناس ذلك، فبدؤوا يرسلون أبناءهم لحفظ القرآن، فعملت على تحفيظ أبناء القرية القرآن مُنذ التسعينات، فاختار لي القدر طريق القرآن لتهوين مرضي والصبر عليه وفتح باباً للرزق أيضاً».
وتزوج الشيخ إبراهيم وأنجب 3 أولاد وبنتاً واحدة، وما زال يُحفظ ويُعلم كتاب الله لكل أبناء «برطباط» مُنذ مطلع التسعينات حتى الآن.