والسيد جاسم الطويرجاوي كان علماً من اعلام المنبر الحسيني سطر اسمه بحروف من ذهب في سجل خدم أهل البيت عليهم السلام حيث أفنى عمره في طريق خدمتهم، ومن منا لم يبقى في ذاكرته ذلك الصوت الشجي الأخاذ الذي يأسر النفوس التواقة حيث لا يمتلك الانسان نفسه إلا ان يتفاعل معه بالحزن و الأسى لما يضيف صوته الشجي من الالم و اللوعة اضافة لما تمثله مصائب اهل البيت عليهم السلام بحد ذاتها.
وجاء لقبه {الطويرجاي} عندما عقد مجلسا في كربلاء تحت قبة الإمام الحسين {ع} منذ عام 1962م وحتى عام 1980م وكان في البداية يقرأ في طويريج قبل أن يأتي إلى هذا المجلس في كربلاء فعندما كان يصل كانوا يقولون وصل الطويرجاوي وقد سار هذا الاسم عليه.
والتحصيل الدراسي للخطيب الراحل وصلت المرحلة المتوسطة لانشغاله في الخطابة ولم يترك المنبر الحسيني له مجالاً كي يكمل دراسته، أما في الدراسة الحوزوية فقد درس في النجف الأشرف المقدمات، وكان من أبرز أساتذته الشيخ عز الدين الجزائري والشيخ طه البصري حيث كان في مدرسة القوام ومدرسة الجزائري.
وخرج السيد الطويرجاوي من العراق في تشرين الأول عام 1980 بعد تدهور الأوضاع في تلك الفترة من إعدامات واعتقالات في زمن النظام البائد وقد ذهب إلى الكويت وبقي هناك حتى دخول النظام السابق الى الكويت عندها خرج منها متوجهاً إلى إيران عام 1990.
وقرأ السيد الطويرجاوي في عدة في سوريا ولبنان والسعودية والكويت والبحرين وقطر وإيران وبريطانيا وكان تفاعل الجمهور كبيراً معه أينما أقرأ، ولكن لا يشفي قلبه إلا للجمهور العراقي لبكائه بحرقة ولوعة ولم أجد أكثر منهم تعلقاً بالامام الحسين عليه السلام .
وبدأ السيد الطويرجوي رحلته بالخطابة منذ كان عمره 10 سنوات وكان الشيخ حسين جواد يقرأ عند خواله فطلب منه أن يعلمه القراءة، وحفظه أول بيت شعري
{ إن كان عندك عبرة تجريها فانزل بأرض الطف كي نسقيها }
وكانت والدته أكثر شخصية أثرت فيه خلال مسيرة حياته فهي التي ربت في داخله حب الامام الحسين عليه السلام، فمنذ أن كان صغيراً كانت تضعه في حضنها وتطحن بالرحى وتنعى الامام الحسين {ع} وتبكي، فيقول لها لماذا تبكين؟ فتجيبه بانها تبكي على الحسين، فمنذ ذلك الحين عشق السيد الراحل الامام الحسين {ع} وصار يحفظ ما تقوله أمه ويبكي معها عند قراءتها.
وتركزت مراثي السيد الطويرجاوي على قصائد شعراء عبد الأمير الفتلاوي والسيد عبد الحسين الشرع والشاعر عبود غفلة، أما الشيخ معين السباك فكان شعره مؤثراً في نفسه.
وتعرض الخطيب الراحل للكثير من المضايقات في زمن النظام البائد فقد دعاه ذات مرة مدير الأمن وحدثه حول زيارة عاشوراء واعتبرها بأن هذه اللعن الموجود فيها يمس للأمة العربية ثم قال ما فائدة هذه الشعائر والطبخ والتوزيع وهذه كلها أموال تكلف الدولة، وطلب منه التعاون معهم لذا قرر بعدها مغادرة العراق عام 1980 وأصروا على إيذايه فقد قاموا بإعدام ولده قحطان سنة 1982.