إذا حافظت الأمة الإسلامية على اسم الحسين وذكراه وجعلته نموذجاً تقتدي به فسوف تجتاز جميع العقبات والمشاكل. لذلك نرى الجميع - الشعب، والمسؤولين، والشخصيات الكبيرة، وشخص إمامنا الخميني الجليل - يشددون في سياق الثورة الإسلامية وفي نظام الجمهورية الإسلامية من أولها إلى آخرها، على قضية الإمام الحسين وعاشوراء وإقامة مجالس العزاء الشعبيّة. وهذا التأكيد في محله. لمجالس العزاء هذه جانبها الرمزي ولها جانبها الحقيقي... إنها تقرّب القلوب إلى بعضها وتجعل المعارف تتجلّى وتشرق.
قبل سنوات من الثورة كان المرحوم الشهيد مطهري يهتف في حسينية إرشاد بما مضمونه: والله، إعلموا أن الشمر اليوم هو... ثم يأتي باسم رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك. وهذا هو الواقع. نحن نلعن الشمر لنستأصل حالة الشمر والعمل بطريقة الشمر من العالم. إننا نلعن يزيداً وعبيدالله لنجابه حكومة الطاغوت والحكومة اليزيدية، وحكومة التهتك والفساد وحكومة ظلم المؤمنين في العالم. الحسين بن علي ثار ليمرّغ أنوف الحكومات المعادية للقيم الإسلامية والإنسانية والإلهية بالتراب ويقضي عليها
هذا ما تعنيه مجالسنا. المجالس الحسينية معناها المجالس المعادية للظلم والهيمنة والمجالس المعادية لأمثال الشمر ويزيد وابن زياد في هذا العصر. هذا هو استمرار واقعة الإمام الحسين.
والعالم اليوم مليء بالظلم والجور. أنظروا ماذا يفعلون بشعوب العالم والفقراء والثروات الوطنية للبلدان. الأبعاد العظيمة لتحرك الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) تشمل كل هذه المساحة الواسعة. للإمام الحسين دروسه ليس للشيعة فقط، وليس للمسلمين فقط، بل لأحرار العالم كله.
قائد الحركة التحررية في الهند ذكر اسم الحسين بن علي قبل ستين أو سبعين سنة فقال لقد تعلّمتُ منه. والحال أنه هندوسي ولم يكن مسلماً على الإطلاق. وكذا الحال بين المسلمين. هذه هي واقعة الإمام الحسين. أنتم خزّان هذه الجوهرة الثمينة التي يمكن للبشرية كلها أن تنتفع منها.
هكذا ينبغي أن يكون التوجه في عزاء الإمام الحسين: توسيع نطاق التبيين والإيضاح والتوعية، وتمتين إيمان الناس، وتكريس روح التدين لديهم، وتعزيز مشاعر الشجاعة والغيرة لدى الجماهير، وإخراجهم من حالات عدم الاكتراث والخمول والكسل. هذه هي معاني الثورة الحسينية وإحياء عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) في زماننا. لذلك فهو حي وسيبقي حياً للأبد.
ولجانبه العاطفي أيضاً تأثيره على عواطف كافة الناس ومشاعرهم. وجانبه المعنوي العميق ينير أذهان أصحاب الفكر والبصيرة. لقد ذكرت مراراً طوال السنوات الماضية عبارة الإمام أميرالمؤمنين(عليه الصلاة والسلام) إذ يقول: "وَلَا يَحْمِلُ هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ وَالصَّبْرِ". إنها راية الإنسانية والإسلام والتوحيد التي لا يحملها إلّا من كانت فيه هاتان الخصلتان،"البصر والصبر"؛ البصيرة والاستقامة. الإمام الحسين (عليه السلام) مظهر البصيرة والاستقامة.
~الإمام الخامنئي 9/1/2008