أقام النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) خليفة من بعده بقوله (ص): (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)، ثم أمر المسلمين بالبيعة له فبايعوه كلهم، عندها رفع حسان بن ثابت صوته وهو يدوّن ما جرى في ذلك اليوم بحضور النبي (ص)، وأمام أكثر من مائة ألف من المسلمين حتى بارك قوله هذا النبي بقوله: (لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك)، ثم نزل قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) فتم الدين بولاية أمير المؤمنين علي (ع) في ذلك اليوم الذي أصبح ينبوعاً دافقاً بالعطاء فلم تتوقف مسيرة الشعر والشعراء منذ تلك اللحظة وحتى هذا اليوم.
قصيدة حسان بن ثابت
يناديهمُ يومَ الغديرِ نبيُّهم *** بخمٍّ وأسمعْ بالنبيِّ مُناديا
وقد جاءَه جبريلُ عن أمرِ ربِّهِ *** بأنّكَ معصومٌ فلا تكُ وانيا
وبلّغهمُ ما أنزلَ اللهُ ربُّهم *** إليكَ ولا تخشى هناكَ الأعاديا
فقامَ بهِ اذْ ذاكَ رافعَ كفِّهِ *** بكفِّ عليٍّ معلنَ الصوتِ عاليا
فقالَ: فمنْ مولاكمُ ونبيُّكمْ؟ *** فقالوا.., ولم يبدوا هناكَ التعاميا
إلهكَ مولانا.. وأنتَ نبيُّنا *** ولمْ تلقَ مِنَّا في الولايةِ عاصيا
فقالَ له: قُمْ يا عليُّ فإنني *** رضيتُك من بعدي إماماً وهاديا
فمنْ كنتُ مولاهُ فهذا وليُّه *** فكونوا له أتباعَ صدقٍ مواليا
هناكَ دعا: اللهمَّ والِ وليِّه *** وكُنْ للذي عادى علياً مُعاديا
فيا ربِّ فانصرْ ناصريهِ لنصرِه *** إمامَ هدىً كالبدرِ يجلو الدياجيا
بذلك فتح شاعر النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) حسان بن ثابت باب الشعر لبيعة الغدير ليلجها الشعراء المبدعون وليدونوا البيعة المباركة التي امر الله تعالى نبيه الكريم بتبليغها للمسلمين، ولتكن الولاية والامامة لعلي بن ابي طالب ولذريته المعصومين من نسل فاطمة الزهراء (عليهم السلام) الى قيام الساعة.
ولقد واكب الشعر العربي وغيره بيعة الغدير مسجلاً أحداثه موثقاً تفاصيله فكان له دور كبير في رفد الكتب والدراسات التي اعتمدت عليه كمادة تاريخية إضافة إلى النصوص الشرعية والحقائق العلمية في الاستدلال على خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام).